كاتب سنغالي يحذر: من الساحل إلى تونس، الديمقراطية تتراجع والاستبداد يطغى


كاتب سنغالي يحذر: من الساحل إلى تونس، الديمقراطية تتراجع والاستبداد يطغى صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      انقلاب في النيجر، ونظام استبدادي في تونس، وخيبة أمل انتخابية في الكونغو وغينيا: أمثلة تتكاثر في جميع أنحاء القارة الإفريقية، حيث يبدو أن الديمقراطية تتراجع.

يتناول الصحافي والكاتب السنغالي، عثمان ندياي، هذا الواقع بشكل مباشر في كتابه الجديد: "إفريقيا ضد الديمقراطية: خرافات، إنكار، وخطر".

في هذه المقالة الشيقة، يقدم تقييما صارما للدولة الديمقراطية في القارة، ويدرس الإخفاقات المؤسسية، والتجاوزات الاستبدادية، وكذلك الخطاب الذي يحاول تبرير التخلي التدريجي عن النموذج الديمقراطي لصالح ما يسمى بالأنظمة الانتقالية، أو السيادية، أو الأمنية.

ويؤكد عثمان ندياي أن القارة الإفريقية تشهد، حاليا، تراجعا ديمقراطيا غير مسبوق، حيث أصبح التحدي الذي تواجهه الديمقراطية، الآن، معترفا به علنا.

وفي منطقة الساحل، في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، تعمل الأنظمة العسكرية الحاكمة، المتحدة في تحالف دول الساحل، على تطوير خطاب رسمي يرفض النموذج الديمقراطي.

فمنذ عام 2020، هزت سلسلة من الانقلابات غرب إفريقيا، وأعادت المجالس العسكرية إلى السلطة في عدة دول. ورغم الوعد، أحيانا، بعودة النظام الدستوري، إلا أن هذه الأنظمة راسخة في الواقع، محذرا من أن الخطر لا يقتصر على الجيش.

ويُتهم القادة المنتخبون عبر انتخابات ديمقراطية، مثل قيس سعيد في تونس، بالاستبداد: فمنذ انقلابه، عام 2021، ركز الرئيس التونسي السلطة في يديه، مضعفا الضوابط والتوازنات، ومقيدا الحريات المدنية، ومسجنا المعارضين.

على الورق، تبدو المؤسسات ديمقراطية، إذ هناك برلمان، وجمعية وطنية، ولجنة انتخابية مستقلة..، لكن في الواقع، لا شيء في عملها ديمقراطي، يأسف ندياي.

ويفسر المؤلف هذا التراجع الديمقراطي بعوامل مترابطة عديدة: التعب الديمقراطي، والتلاعب بالانتخابات، وفساد النخبة، وفشل السياسات الاجتماعية، بالإضافة إلى خيبة الأمل الشعبية من الأنظمة المنتخبة ديمقراطيًا، ولكنها غير فعّالة.

في بعض المناطق، يقبل السكان، أو حتى يدعمون، الانقلابات العسكرية، التي يُنظر إليها على أنها أهون الشرور، مقارنة بالحكومات المدنية التي تعتبر عاجزة عن ضمان الأمن أو تلبية الاحتياجات الأساسية.

وعلى الرغم من هذه الملاحظة المقلقة، يرفض عثمان ندياي الاستسلام للقدرية.

 كتابه، وإن كان مصِرا في تشخيصه، يُقصد به، أيضا، أن يكون دعوة لتعبئة الشعوب الإفريقية لاستعادة السيطرة على مصيرها السياسي، مؤكدا "أعتقد أن عنصر الأمل يكمن في قدرة الشعوب على تولي زمام أمورها بنفسها. بالنسبة لي، الأمل هو يقظة المواطن".

وتابع قائلا: "وبالمواطن، لا أعني مجرد امتلاك بطاقة هوية أو بطاقة تسجيل ناخب، بل المواطنة كوعي بحقوق المرء وواجباته، وقبل كل شيء، الرغبة في ممارستها".

واختتم بالقول: "من هذا المنطلق، يبدو أن التربية المدنية، والمشاركة السياسية للشباب، وحرية الصحافة، واستقلال القضاء، هي ركائز النهضة الديمقراطية الإفريقية، التي لا تزال ممكنة، ولكنها مهددة بشكل متزايد".


اترك تعليقاً