الشيخة حسينة تعود إلى الواجهة من منفاها في الهند

تتجه أنظار المتابعين للشأن البنغلاديشي نحو رئيسة الوزراء السابقة، الشيخة حسينة، التي عادت إلى الواجهة السياسية رغم وجودها في المنفى بالهند، بعد أن أُجبرت على الاستقالة من رئاسة الحكومة في غشت 2024 إثر إنذار مباشر من رئيس أركان الجيش، ومغادرتها المفاجئة إلى نيودلهي.
وفي ظل توتر العلاقة بين نيودلهي ودكا بسبب مذكرات تفاهم لتسليم المطلوبين، تثير تحركات حسينة جدلا واسعا، خاصة بعد دعوتها الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنصارها إلى التظاهر، في خطوة فسرها مراقبون بأنها محاولة للضغط على الحكومة المؤقتة برئاسة محمد يونس، ومنعها من تقديم طلب رسمي لتسليمها.
وعادت الاحتجاجات إلى شوارع العاصمة دكا بشكل خاطف، قادتها "رابطة عوامي"، الحزب الذي كان يهيمن على الحياة السياسية قبل عام، ما أثار قلق السلطات البنغلاديشية، خاصة مع ترديد شعارات مثل "الشيخة حسينة عودي" و"بنغلاديش تبتسم من جديد".
لا تزال حسينة، البالغة من العمر 78 عاما، في منفاها الاختياري في الهند، فيما يواصل أنصار حزبها الذي تم استبعاده من الانتخابات المقررة في فبراير المقبل، تصعيد تحركاتهم الميدانية تدريجيا، وسط محاولات للعودة إلى المشهد السياسي رغم الحظر المفروض عليهم.
ويؤكد الدكتور أحمد الياسري، الخبير في العلاقات الدولية، أن تحركات المعارضة الحالية لا تهدف إلى إسقاط الحكومة بقدر ما تسعى إلى كسب اهتمام دولي وإعادة طرح قضيتها، خصوصا بعد الانتقادات التي وجهت لحكومة يونس من قبل منظمات حقوقية مثل "هيومن رايتس ووتش"، بشأن قمع أنصار رابطة عوامي.
ويشير الياسري إلى أن التوتر بين الهند وبنغلاديش بسبب قضية تسليم حسينة، يضع نيودلهي في موقف حرج، فهي لا ترغب بإفساد علاقاتها مع دكا، ولكن في الوقت نفسه لا تستطيع تسليم شخصية سياسية بحجمها.
من جانبه، يرى الباحث في الشؤون الآسيوية، طاهر أبو نضال، أن الشيخة حسينة قد تلعب على أوتار التوترات الجيوسياسية في جنوب آسيا، لا سيما في ظل التنافس الحاد بين الهند، باكستان، وأفغانستان. ووفقا له، فإن هذه التوترات قد تخلق هامش مناورة لحسينة من خلال بناء تحالفات جديدة تدعم عودتها السياسية.
ويؤكد أبو نضال أن المعارضة البنغلاديشية تحاول استغلال المناخ الإقليمي المشحون لصالحها، وقد تستخدمه كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية، خاصة في ظل استبعادها من الانتخابات المقبلة، ومحاولة كسر طوق العزل المفروض عليها منذ الانقلاب الأخير.
رغم حماسة أنصارها وتصريحاتها المنتظمة، يرى محللون أن عودة الشيخة حسينة إلى سدة الحكم تظل غير مرجحة في الوقت القريب، لكنها تسعى على الأقل إلى الحفاظ على حضورها السياسي والرمزي، وربما ضمان دور لحزبها في الانتخابات أو التفاوض على مصالحة وطنية.
وفي ظل الانقسام بين التيار الإسلامي المحافظ واليسار الليبرالي، والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بنغلاديش، تبقى الساحة مفتوحة أمام جميع السيناريوهات، لكن على ما يبدو فإن عودة حسينة إلى الحكم قد تحتاج أكثر من مجرد تظاهرات رمزية أو ضغط إعلامي.