هندسة التكوين وطرق التقييم في صلب إصلاح السلك الثالث للدراسات الطبية والصيدلانية
صورة - م.م.ع
انعقدت، اليوم السبت بالرباط، أشغال اليوم الوطني حول إصلاح السلك الثالث للدراسات الطبية والصيدلانية وطب الأسنان، بمشاركة حوالي 800 مشارك من مختلف الفاعلين في المنظومة الصحية والتكوينات الطبية بالمغرب.
وخصص هذا اليوم الوطني لتقديم المخرجات والمقترحات التي خلصت إليها الاجتماعات التي عقدتها اللجان الوطنية للخبراء في مختلف التخصصات، من أجل دراسة سبل إصلاح السلك الثالث وبلورة اقتراحات لتجويده.
وتشمل هذه التوصيات كافة الجوانب المرتبطة بالسلك الثالث، بما في ذلك شروط وطرق الولوج لكل تخصص، وهندسة التكوين وبرامجه التفصيلية، وطرق التقييم وشروط استيفاء التداريب وباقي أنشطة التكوين، والامتحان الختامي لنيل دبلوم التخصص، وشروط الحصول على الدبلوم، وكذا نظام الحركية على الصعيدين الوطني والدولي.
ويفضي هذا اللقاء الى مجموعة من المخرجات الهيكلية، تخص وضعية طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنا ن داخل المؤسسات التابعة للمجموعات الصحية الترابية، من متدربين ملاحظين وخارجيين وداخليين ومقيمين، ونظام الدراسات والامتحانات لكل من دبلوم التخصص الطبي ودبلوم التخصص الصيدلاني والبيولوجي ودبلوم التخصص في طب الأسنان، ولوائح التخصصات ومدد الدراسة بها، وكذا محتوى التكوين الموحد على الصعيد الوطني بالنسبة لكل تخصص، بالإضافة إلى توصيات أخرى تتعلق إجمالا بتعزيز جودة التكوين وملاءمته مع حاجيات المنظومة الصحية الوطنية.
ويشكل هذا اللقاء الوطني، الذي يندرج ضمن مواصلة الدينامية الشاملة لإصلاح وتجويد التكوينات الطبية بالمملكة، محطة استراتيجية متميزة في تحديث السلك الثالث للتخصصات الطبية والصيدلانية وطب الأسنان، بما يعزز جودة الكفاءات الطبية ويضمن قدرتها على مواكبة التطورات والتجاوب مع التحديات الراهنة والمستقبلية.
وفي كلمة افتتاحية، أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، أن المغرب، تحت التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، اختار تعزيز قدراته الصحية وتحقيق التعميم الشامل للحماية الاجتماعية، مبرزا أن الركيزة الأساسية لهذه الإصلاحات هي الموارد البشرية الصحية في أفق تلبية الاحتياجات الحقيقية وتجاوز الاختلالات الجهوية والنقص في التخصصات الحرجة.
وأوضح السيد التهراوي أن المغرب يسعى لتحقيق هدف طموح وفق توصيات منظمة الصحة العالمية، يتمثل في الوصول إلى 45 مهني صحة لكل 10 آلاف نسمة بحلول سنة 2030، مبرزا أن التحدي لا يقتصر على عدد المتخصصين فحسب بل يشمل كيفية تكوينهم بشكل أفضل وأسرع وبطريقة استباقية، لضمان تفادي النقص المستمر والتأخر في تلبية الاحتياجات الصحية ومعالجة المسارات غير المخططة التي تتكرر دون حلول فعالة.
وأبرز أن إصلاح السلك الثالث يهدف إلى تلبية الاحتياجات الحرجة في تخصصات مثل الطوارئ والإنعاش والصيدلة والصحة النفسية، مع تعزيز توزيع الموارد الصحية على المستوى الإقليمي لضمان استجابة متوازنة للاحتياجات، مشيرا إلى أن الإصلاح يسعى إلى بناء رأس مال بشري أفضل عبر تأهيل الموارد البشرية، وتوسيع التدريب العملي، وتحسين ظروف الطلاب والمقيمين، ليكونوا قادرين على مواجهة التحديات الصحية المعاصرة والتطورات التقنية المتسارعة.
من جهته أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين الميداوي، أن اليوم الوطني لإصلاح السلك الثالث للدراسات الطبية ينسجم مع التوجهات الملكية السامية التي تضع المواطن في قلب كل السياسات العمومية، موضحا أن الهدف الأساسي من كل الأوراش الكبرى، سواء على مستوى الحماية الاجتماعية أو البنية التحتية هو خدمة المواطن، مع التركيز على تحسين صحة الإنسان وضمان الولوج العادل للعلاج لجميع المواطنين، خصوصا الفئات الهشة.
وأبرز السيد الميداوي أن التكوين الطبي في المغرب جيد ويستند على كفاءات متميزة، تتسم بالالتزام وروح العمل والتفاعل داخل المنظومة، معتبرا أن الإصلاح لا يقلل من قيمة الإنجازات السابقة، بل يهدف إلى تطوير التكوين وملاءمته مع المعايير الدولية، وتوحيد المعايير على الصعيد الوطني ومواءمة التكوين مع المعايير العالمية.
وبدوره قال رئيس جامعة محمد الخامس محمد غاشي، إن دور السلك الثالث لا يقتصر على اكتساب الخبرة والتخصص الدقيق، بل يتيح للطالب تطوير هويته المهنية كطبيب، مع تعزيز المهارات السريرية، والقدرة على التحليل، وكذا الانفتاح على الممارسات الدولية، مضيفا أن الالتزام بهذه الإصلاحات يقود إلى تقديم تكوين أكاديمي متماسك وملائم لاحتياجات الطلاب، والمرضى والمجتمع ككل.
ولفت السيد غاشي إلى أن هذه الإصلاحات تؤكد أن التخصص الطبي استثمار استراتيجي للمجتمع من حيث جودة التعليم والتكوين ورفع مستوى سلامة الرعاية الصحية، وتمهيد الطريق للابتكار الطبي، مؤكدا أن هذا اللقاء سيتيح تبادل وجهات النظر حول بنية الإصلاح الأكاديمي ومتطلباته من حيث الشروط والوسائل الضرورية لتطبيقه.
من جهته أوضح عميد كلية الطب والصيدلة، إبراهيم لكحل، أن هذا اللقاء يمثل مرحلة حاسمة في بناء نموذج وطني جديد للتكوين الطبي، مستمرا في الإصلاحات التي بدأت في السلكين الأول والثاني، والتي وضعت أساس مسار تعليمي متجدد ومتكامل موجه نحو المستقل ويواكب تطلعات المنظومة الصحية ويعزز قدرات التكوين على الصعيد الوطني.
وأشار السيد لكحل إلى أن هذه الإصلاحات تروم تعزيز الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة، وتهدف إلى تطوير الموارد البشرية الطبية ومواءمتها مع المعايير الدولية، مع العمل ضمن رؤية وطنية واضحة، وبمشاركة واسعة لجميع الأطراف المعنية من كليات ولجان أكاديمية ونقابات وطلاب وأطباء داخليين ومقيمين والهيئات المهنية والعلمية، لضمان تطبيق إصلاح شامل وفعال.