منتدى تانا يعود في إثيوبيا لبحث مستقبل السلم والأمن في أفريقيا وسط نظام عالمي متغير


منتدى تانا يعود في إثيوبيا لبحث مستقبل السلم والأمن في أفريقيا وسط نظام عالمي متغير صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

       بعد توقف دام عامين، عادت مدينة بحر دار، عاصمة إقليم أمهرة شمالي إثيوبيا، لتحتضن مجددا أعمال الدورة الحادية عشرة لمنتدى تانا رفيع المستوى للسلم والأمن في أفريقيا، الذي يُعد أحد أبرز منصات الحوار القاري بين صناع القرار الأفارقة.

 

وانطلقت فعاليات المنتدى، المنعقد تحت شعار "أفريقيا في نظام عالمي متغير"، بمشاركة واسعة من مسؤولين حكوميين وقادة سابقين وخبراء سياسات وممثلين لمنظمات إقليمية ودولية، بهدف صياغة مقاربات أفريقية لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية الراهنة.

 

تركزت جلسات اليوم الأول على التطورات الأمنية الجديدة في القارة، وفي مقدمتها دور الذكاء الاصطناعي في النزاعات الحديثة. وخلال جلسة فكرية بعنوان "الذكاء الاصطناعي في النزاعات الحديثة: الأبعاد الأخلاقية والإنسانية"، شدّد المشاركون على ضرورة وضع أطر تشريعية تنظم استخدام التقنيات الذكية في الحروب، مثل الطائرات المسيّرة وأنظمة المراقبة الرقمية، بما يحد من الانتهاكات الإنسانية المتزايدة في مناطق النزاع.

 

كما ناقشت جلسات أخرى إصلاح مؤسسات الاتحاد الأفريقي وتعزيز استقلاليتها المالية، إلى جانب توسيع مشاركة المواطنين في صنع القرار وتكريس مبدأ “الملكية الأفريقية” في تمويل الاتحاد.

 

وفي كلمته الافتتاحية، أكد حاكم إقليم أمهرة أن استئناف المنتدى بعد تأجيلات متكررة منذ عام 2023 يعكس عودة الاستقرار إلى الإقليم وقدرته على احتضان فعاليات إقليمية كبرى، مشددا على أن المنتدى "ليس حدثا أكاديميا فحسب، بل منصة لتجديد الثقة في الحلول الأفريقية للأزمات الأفريقية".

 

انتقلت أعمال اليوم الثاني إلى العاصمة أديس أبابا، حيث اتسع النقاش ليشمل موقع أفريقيا في النظام الدولي الجديد.

ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف القادة الأفارقة إلى الانتقال من الخطاب إلى الفعل في مواجهة التحديات الأمنية والسياسية، مؤكدا أن الوحدة الأفريقية هي "السلاح الوحيد القادر على حماية القارة من التشرذم والضعف".

 

وأشار يوسف إلى مبادرة "إسكات البنادق"، التي أُطلقت عام 2009 وكان من المفترض أن تحقق أهدافها بحلول 2020 قبل تمديدها إلى 2030، مؤكدا أن "الوقت يضيق، ومعدلات العنف ما تزال مرتفعة، ما يتطلب خطوات تنفيذية عاجلة".

 

وشهدت الجلسات أيضا تكريما خاصا للرئيس الموزمبيقي الراحل سامورا ماشيل، أحد أبرز رموز التحرر في أفريقيا، ضمن فعالية رمزية بعنوان "إرث سامورا ماشيل في مسيرة السلم والأمن الأفريقي".

وأكد المتحدثون أن استحضار رموز مثل ماشيل وشيسانو يذكر الأجيال الجديدة بـ"الروح الأصيلة للمشروع الأفريقي القائم على الكرامة والسيادة والتكامل".

 

كما تناولت جلسة رفيعة المستوى حول "الملكية الأفريقية والفاعلية في عالم غير مستقر"، بمشاركة الرئيسة السابقة لملاوي جويس باندا والرئيس الموزمبيقي الأسبق جواكيم شيسانو ووزير الخارجية الإثيوبي غيديون طيموثيوس، أهمية استعادة زمام المبادرة الأفريقية في قضايا الأمن والتنمية بعيدا عن الحلول المفروضة من الخارج.

 

ومن المنتظر أن يختتم المنتدى أعماله بإصدار حزمة توصيات موجهة إلى الاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية وصناع القرار حول السياسات الأمنية والتنموية.

 

يذكر أن منتدى تانا، الذي تأسس عام 2012، ساهم خلال أكثر من عقد في بناء شبكة فكرية أفريقية تضم قادة دول ومسؤولين وخبراء، لتبادل الرؤى حول إدارة الأزمات بآليات محلية مستدامة، تأكيدا لمبدأ أن الحلول الأفريقية يجب أن تنبع من داخل القارة لا من خارجها.

اترك تعليقاً