في غياب الولايات المتحدة عن قمةمجموعة ال 20 جنوب إفريقيا تحاول تزيين صورتها الباهتة


في غياب الولايات المتحدة عن قمةمجموعة ال 20 جنوب إفريقيا تحاول تزيين صورتها الباهتة صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      على بعد 9 أيام عن قمة مجموعة ال 20 (22 و23 نونبر) التي تنظم لأول مرة بالقارة الإفريقية، تضاعف بلدية جوهانسبورغ الجهود في سباق محموم مع الزمن لتكون عند مستوى الحدث.

 وتبدو معظم إشارات المرور في سانتون، حي المال والأعمال حيث سيقيم بعض القادة في فنادق فاخرة، في حلة جديدة وتعمل على نحو مثالي، كما أن حركة المرور غدت أكثر انسيابية وسلاسة، وأضحت العلامات الطرقية بارزة جلية، كما لو تخلصت من أسمالها القديمة بعدما كانت بالأمس عصية على القراءة، فيما جرى تكثيف حملات تنظيف الشوارع وتجديدها، فضلا عن تعزيز الحضور الميداني لعناصر الشرطة في المنطقة بأسرها.

واستهدفت فرق الصيانة والتنظيف المساحات العامة بغرض تجميل جميع الطرق الرئيسية المؤدية إلى جوهانسبورغ، بحيث تمت إزالة الأتربة من الأرصفة وتنظيفها وإعادة طلائها، على غرار اللوحات المبثوثة وسط المدينة، إضافة إلى تجديد أماكن إرساء اللافتات والأعلام.

 وبعد سنوات من الظلام شبه التام، أضاءت المصابيح الطريق السريع "إم 1"، وتم تنظيف جنبات الطرق عند التقاطعات الكبرى والمفترقات، كما استفادت الطرق السريعة والأرصفة من عناية استثنائية على طول الشرايين المؤدية إلى المدينة التي تعتبر قلب اقتصاد جنوب إفريقيا النابض بدون منازع.

ولاستقبال الشخصيات التي ستحل بالبلاد عبر مطار "أوليفر تامبو" عند الوصول، تستعد مجموعات ثقافية مختلفة وفرق فولكلورية لتقديم لوحات فنية على شرف الضيوف، فيما ستخضع المناطق المحيطة بمركز المعارض (ناسريك)، حيث ستجري أشغال القمة، والطريق السريع "إن 14" لعمليات تنظيف آلي.

"خاوتينغ جاهزة، زواكالا (تعالوا!) - لنجعل من هذا الحدث تجربة لا تنسى"، هكذا لخص رئيس وزراء الإقليم، بانيازا ليسوفي، الوضع في تقرير قدمه، الأسبوع الماضي، حول سير الاستعدادات، مؤكدا أن الأمن سيكون في أقصى درجات التأهب طوال اليومين اللذين سيستغرقهما الحدث، مع وضع 20 فندقا تحت المراقبة الدائمة.

غير أن حالة الزهو هذه لا يتقاسمها الجميع بالضرورة، بدءا من البائعين المتجولين، والتجار غير الرسميين، وسط مدينة جوهانسبورغ، الذين سيدفعون الثمن الباهظ في هذه التظاهرة الدولية التي اختارت لها جنوب إفريقيا -للمفارقة- شعار "التضامن والمساواة والاستدامة".

 وبهذا الشأن تحديدا، كشف موقع "آي.أو.إل"، الأسبوع الماضي، عن نتائج تقرير أنجزه معهد تابع لجامعة ويتس بجوهانسبورغ تفيد بأن 3500 شخص، أي 0,01 في المائة من السكان، يمتلكون 15 في المائة من الثروة الإجمالية بجنوب إفريقيا، بينما يتحكم 10 في المائة من الأغنياء (3،5 مليون شخص) في 86 في المائة من ثروات البلاد، في حين تتقاسم ال 90 في المائة المتبقية 14 في المائة من الثروات الوطنية.

لذلك، لم يكن من المفاجئ أن يتظاهر العديد من الأشخاص، بحر الأسبوع الماضي، ضد عملية تحرير واسعة النطاق أطلقتها بلدية جوهانسبورغ لاستعادة السيطرة على وسط المدينة، بغرض "جعله مكانا آمنا ونظيفا وعمليا، عشية انعقاد قمة مجموعة العشرين".

 وفي تعليقها على الاستعدادات الجارية، أعربت رئيسة تجمع التحالف الديمقراطي في جوهانسبورغ، بيليندا كايسر-إتشيوزونجوكو، عن اندهاشها "لهذا الدفق الكبير من الفعالية مع اقتراب قمة ال 20"، مستغربة كيف أن "نفس الزخم ونفس الموارد لم توجه لإصلاح البنيات التحتية المتردية، واستعادة التزود بالماء الشروب، وحل أعطاب المرافق العمومية".

من جانبه، أكد المدير العام لمنظمة "مكافحة سوء استخدام الضرائب" (أوطا)، وين دوفيناج، أن الفضل يعود لهذه التظاهرة الدولية التي سمحت بإعادة إطلاق وتنشيط الخدمات العامة والاهتمام بها، لافتا إلى "واقع المدينة المتردي، وتعطل إشارات المرور، والنفايات المتراكمة كواقع يومي يعيشه السكان والشركات على حد سواء".

 وبينما تحاول "مدينة الذهب" التزين بأبهى الحلل، تساءلت بعض الأصوات عن جدوى النفقات التي تم صرفها لاستضافة هذه القمة (حوالي مليار راند، أكثر من 57 مليون دولار)، أي حوالي 0,04 في المائة من الميزانية العامة.

 وكان الرئيس سيريل رامافوزا قد عين مجموعة عمل لإصلاح البنيات التحتية المتداعية في جوهانسبورغ، معتبرا أن "أكبر مدينة في البلاد، والمسؤولة عن 16 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي لجنوب إفريقيا، تواجه بلديتها تحديات هائلة، تتأرجح بين عدم الاستقرار المالي والإداري والتدهور السريع لبنياتها التحتية".

وفي هذا الصدد، سجلت افتتاحية صحيفة "مايل آند غوارديان" حاجة جنوب إفريقيا إلى توظيف رئاستها الدورية لمجموعة ال 20 لتؤكد إرادتها في القضاء على التفاوتات وتقليص الفجوة بين أغنياء ساندهورست وفقراء ألكسندرا، أحد أقدم الأحياء الفقيرة في البلاد.

وأكدت الصحيفة أنه "لا ينبغي للطريق السيار" إم 1" أن يحيل على الفصل بين الأغنياء والفقراء، إذ مع ازدهار سانتون، أغنى حي في إفريقيا، يجب أن يزدهر، أيضا، حي ألكسندرا"، مضيفة أن قمة مجموعة ال 20 لا ينبغي أن تكون مجرد اجتماع آخر دون نتائج ملموسة.

أما صحيفة "بيز نيوز" فاعتبرت أنه، في الوقت الذي تستعد فيه جنوب إفريقيا لتعيش إحدى لحظاتها المجيدة قبل أن تسلم الرئاسة المقبلة إلى الولايات المتحدة، "كان من الممكن أن تجني عوائد أكبر بكثير من قمة ال 20 لو كانت تتوفر على قصة نمو حقيقة لترويها".

وتابعت الصحيفة أن الرئيس رامافوزا يتطلع إلى الحصول على مزيد من المساعدات لإفريقيا وإسماع صوتها أكثر لدى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لكن غياب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بقدر ما يعتبر علامة على "انحسار في النفوذ"، سيحرم القمة من كثير من البريق والألق.

وكمن يمعن في تعميق المتاعب، واصل دونالد ترامب، بحر الأسبوع الماضي، سلسلة من التصريحات الصادمة، بدأها بالقول: إن جنوب إفريقيا لا ينبغي لها حتى أن تكون ضمن مجموعة ال 20، ليؤكد في نهاية المطاف عدم مشاركة أي مسؤول أميركي في قمة جوهانسبورغ، حيث كان من المقرر أن تمثل الولايات المتحدة بنائب الرئيس جي. دي. فانس.

اترك تعليقاً