محاكمة عائلة بونغو في الغابون فصل جديد في مواجهة إرث نصف قرن من الحكم
صورة - م.ع.ن
تستعد العاصمة الغابونية ليبرفيل لحدث قضائي استثنائي، إذ تنظر المحكمة الجنائية في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ البلاد الحديث، حيث يحاكم غيابيا يوم الإثنين 10 نوفمبر المقبل كل من سيلفيا بونغو، السيدة الأولى السابقة، ونجلها نور الدين بونغو، بتهم تتعلق بـاختلاس أموال عامة وتبييض أموال.
وأكد المدعي العام إيدي مينانغ أن جلسة خاصة ستُعقد في قصر العدل بالعاصمة، مشيرا إلى أن عشرة متهمين آخرين يواجهون المحاكمة في القضية نفسها، التي تأتي بعد مرور أكثر من عام على الانقلاب العسكري في 30 غشت 2023، والذي أطاح بالرئيس السابق علي بونغو أونديمبا.
سيلفيا بونغو ونجلها، اللذان اعتقلا عقب الانقلاب وقضيا نحو عشرين شهرا قيد الاحتجاز، كانا قد غادرا لاحقا إلى المملكة المتحدة عقب الإفراج المؤقت عنهما، وأعلنا أنهما لن يعودا إلى الغابون للمثول أمام القضاء.
محامو المتهمين الفرنسيون أكدوا في تصريحاتهم أن موكليهم لم يتلقوا أي استدعاء رسمي، بينما شدد الادعاء العام على أن الإشعار أُرسل إلى عنوانهما السابق في ليبرفيل، ما أثار جدلًا واسعًا حول قانونية إجراءات المحاكمة.
وفي أول تعليق له من منفاه، وصف نور الدين بونغو المحاكمة بأنها "عرض سياسي يفتقر إلى الضمانات القانونية"، واتهم السلطات بـترهيب فريق الدفاع. كما أشار إلى أن العائلة تقدمت بشكاوى أمام القضاء الفرنسي تتعلق بـ"الاحتجاز التعسفي" و"سوء المعاملة" خلال فترة اعتقالهما.
تتجاوز القضية طابعها القانوني لتتحول إلى مواجهة رمزية مع إرث عائلة بونغو التي حكمت الغابون لما يقرب من خمسة عقود ونصف، بدءا بالرئيس الراحل عمر بونغو، أحد أبرز رموز ما يعرف بـ"فرانسافريك"، وصولا إلى نجله علي بونغو الذي أطاح به الجيش العام الماضي.
السلطات الانتقالية بقيادة الجنرال بريس أوليغي نغيما شددت على أن المحاكمة ستجرى في إطار العدالة والشفافية، نافية اتهامات الانتقام السياسي أو الانتهاكات بحق أفراد عائلة بونغو.
لكن المشهد لا يخلو من الانقسام، إذ يرى أنصار النظام الجديد أن المحاكمة تمثل خطوة حاسمة لمحاسبة رموز الفساد في العهد السابق، بينما يعتبرها منتقدو السلطة الانتقالية مجرد أداة لتصفية الحسابات السياسية تحت غطاء القانون.
وبين شد وجذب بين الماضي والحاضر، تبدو محاكمة بونغو الأم والابن اختبارا حقيقيا لوعود "العدالة الانتقالية" التي أطلقها النظام الجديد، كما ستكشف إلى أي مدى يمكن للغابون طي صفحة إرث عائلة حكمت البلاد لأكثر من نصف قرن.