العراق على أعتاب مرحلة تفاوضية دقيقة بعد الانتخابات البرلمانية
صورة - م.ع.ن
يتجه العراق نحو إحدى أكثر مراحل التفاوض حساسية منذ عام 2003، في ظل تقارب الأوزان البرلمانية بين الكتل الكبرى بعد الانتخابات الأخيرة، وعودة النظام السياسي إلى معادلته التقليدية القائمة على التفاهم بين المكونات الثلاثة، مقابل غياب أي كتلة قادرة على تشكيل الحكومة بمفردها.
وأظهرت النتائج الرسمية للمفوضية العليا للانتخابات تقدم ائتلاف "الإعمار والتنمية" بـ46 مقعدا، يليه "تقدم" بـ36 مقعدا، و"دولة القانون" بـ29 مقعدا، فيما توزعت بقية المقاعد على القوى الشيعية والسنية والكردية بشكل متقارب. ومع ضيق الفوارق الرقمية، تشير التوقعات إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة سيعتمد على تفاهمات واسعة بين الأطراف السياسية لضمان "المصلحة المشتركة".
وفي هذا السياق، أعلن "الإطار التنسيقي" عن التئامه مجددًا بكامل مكوناته، مؤكداً أنه الكتلة الأكبر، ومنح نفسه أولوية اختيار رئيس الوزراء المقبل. ورافق ذلك حضور رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني لاجتماع الإطار، في إشارة إلى ترسيخ موقعه داخل المكون السياسي الشيعي والتحرك المبكر للحفاظ على فرصه في الولاية الثانية.
وتشير المعطيات إلى أن التركيب العددي لا يسمح بتشكيل حكومة بمعزل عن القوى السنية والكردية، ما دفع الأطراف الشيعية إلى تكثيف التواصل مع أربيل والكتل السنية.
وأكد أستاذ الإعلام غالب الدعمي أن العراق يسير نحو تشكيل حكومة جديدة دون تأخير كبير، مضيفا أن "الإطار التنسيقي حسم موقعه ككتلة أكبر، بينما تتحرك القوى السنية والكردية لتثبيت خياراتها، ما يجعل العملية السياسية أكثر وضوحا هذه المرة".
من جانب آخر، لا تزال القوى الشيعية داخل "الإعمار والتنمية" متمسكة بترشيح السوداني لرئاسة الحكومة، رغم بعض الخلافات حول تمثيل القوى داخل الائتلاف ومساحة التحرك السياسي لرئيس الوزراء المنتهية ولايته. وأشار القيادي في الائتلاف مشرق الفريجي إلى أن التفاهمات الداخلية وجولات الحوار المشتركة تسهم في رسم ملامح اختيار رئيس الوزراء المقبل، مؤكداً أن الأغلبية داخل الإطار ستكون العامل الحاسم في تحديد الاسم النهائي.
أما القوى السنية والكردية، فتسعى إلى تثبيت مواقعها في رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية، في مسار تفاوضي معقد قد يعيد تشكيل معادلة الحكم بعد 2003، خاصة مع التمسك الكردي بمنصب رئاسة الجمهورية باعتباره استحقاقا ثابتا.