قافلة الجزائر وتونس إلى غزة: تضامن إنساني أم مسرحية سياسية؟


قافلة الجزائر وتونس إلى غزة: تضامن إنساني أم مسرحية سياسية؟ صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

     في يونيو 2025، أيدت الجزائر وتونس بشكل مشترك قافلة "صمود"، وهي مهمة برية إنسانية تهدف إلى إيصال المساعدات إلى غزة.

 ضمت القافلة، التي انطلقت من تونس في 9 يونيو، مئات النشطاء، معظمهم من تونس والجزائر وشخصيات يسارية دولية أخرى.

كان من المقرر أن تصل القافلة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري، لكنها مُنعت إلى حد كبير في ليبيا وأُلغيت في 16 يونيو.

ورغم أن المبادرة وُصفت بأنها بادرة إنسانية، إلا أنها أثارت انتقادات بسبب دلالاتها السياسية وتضامنها الانتقائي.

وتعد مشاركة الجزائر في القافلة لافتة للنظر بشكل خاص بالنظر إلى حظرها المستمر للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين داخل حدودها. ورغم دعمها الخطابي للقضية الفلسطينية، قمعت السلطات الجزائرية المظاهرات العامة، متذرعة بمخاوف الأمن القومي، وقد دفع هذا التناقض المراقبين إلى التشكيك في مصداقية تضامنها.

علاوة على ذلك، تواصل الجزائر إغلاق حدودها البرية، لا سيما مع المغرب، مما يؤكد موقفها الانعزالي في الشؤون الإقليمية. ومع ذلك، اختارت دعم قافلة عابرة للحدود الوطنية تتطلب حدودا مفتوحة وتعاونا مفتوحا.

في هذه الأثناء، استخدم النظام الجزائري وحليفه التونسي خرائط تبتر أقاليم المغرب الجنوبية، ودعوا شخصيات مؤيدة للانفصال لتتصدر القافلة، مما يعكس الاستخدام السياسي من قبل النظامين لما كان يُفترض أن يكون حملة تضامن.

فُسِرت هذه القافلة الانتقائية، من قبل بعض المحللين، على أنها خطوة استراتيجية لإحراج مصر، التي واجهت انتقادات لسيطرتها المحكمة على معبر رفح وتنسيقها مع إسرائيل.

كما خضع الرئيس التونسي، قيس سعيد، للتدقيق. فقد صور نفسه مؤيدا قويا للقضية الفلسطينية، بينما كان في الواقع يستخدم هذه الخطوة لصرف الانتباه عن سياساته الداخلية التي تركت العديد من التونسيين يصطفون في طوابير للحصول على سلع أساسية مثل الخبز والسكر والوقود.

ولعل التناقض الأبرز في رواية القافلة هو غياب جهود إغاثة مماثلة للسودان، الدولة الواقعة جنوب مصر والتي تعاني، حاليا، من حرب أهلية كارثية وأزمة إنسانية.

لم تطلق الجزائر ولا تونس مبادرة مماثلة للمدنيين السودانيين، مما أثار اتهامات بالنفاق والانتقائية في العمل الإنساني.

وفشلت قافلة الصمود في الوصول إلى غزة، إذ اعترضتها القوات الليبية الموالية للجنرال خليفة حفتر، ومنعتها السلطات المصرية من المرور.

مع انقشاع الغبار، بدت القافلة أكثر من كونها محاولة لإيصال مساعدات هزيلة، بل كمسرحية سياسية، إذ كانت القافلة أشبه بمنصة لنشر دعاية معادية للمغرب ومهاجمة الأنظمة العربية المرتبطة بإسرائيل.

في المقابل، قدم المغرب مساعدات كبيرة إلى غزة من خلال التنسيق المباشر مع السلطات المصرية والفلسطينية.

ودون ضجيج القوافل أو الشعارات، حظي نهج المغرب بالإشادة لكفاءته وفعاليته. وبينما تظاهر آخرون وهتفوا، حرص المغرب بهدوء على وصول المساعدات إلى المحتاجين.

اترك تعليقاً