جزائر العسكر تعزز قبضتها على تونس الهشة
صورة - م.ع.ن
عززت الجزائر قبضتها على تونس الفقيرة، مما أدى إلى تفاقم اعتماد جارتها الهشة على إيرادات الغاز في علاقة ثنائية قيدت دبلوماسية تونس.
ووفقا لمقال نشرته مؤسسة تشاتام هاوس، مؤخرا، فإن المسار الأخير لتونس يمثل تحولا عميقا في الجغرافيا السياسية للمغرب العربي، مضيفا أن "القوة في المنطقة لم تعد تمارس من خلال التحالفات الرسمية أو الكتل الإيديولوجية، بل من خلال خطوط الحياة الاقتصادية، والحماية الدبلوماسية، والعزلة المدروسة".
ويؤكد أن تونس مجبرة على "شكل من أشكال التبعية"، حيث "تستغل الجزائر ضعف تونس لتعزيز دورها كحارس للبوابة".
عندما عزز الرئيس قيس سعيد سلطته في يوليوز 2021، أدى انقطاع العلاقات بين تونس وشركائها الغربيين إلى جعلها عرضة للخطر.
وقدمت الجزائر لتونس دعما ماليا: 150 مليون دولار في عام 2020، و300 مليون دولار في عام 2021، و300 مليون دولار أخرى في عام 2022، بالإضافة إلى خطوط الطاقة الحيوية التي تغذي الآن معظم الكهرباء التونسية. وبحلول منتصف عام 2023، كان 47% من غاز تونس يأتي من الجزائر.
ويشير المقال إلى أن "هذه التبعية هيكلية، فهي تمنح الجزائر نفوذا نادرا ما تحتاج إلى التباهي به".
وإلى جانب التدفقات الرسمية، تسيطر الجزائر على التجارة غير الرسمية، وخاصة السلع المدعومة والوقود الذي يدعم المناطق الحدودية في تونس.
عندما اشتعلت التوترات بعد قضية بوراوي، جمدت الجمارك الجزائرية مئات الشاحنات التونسية، ولم ترفع القيود إلا بعد أمر تبون المتلفز. و "كانت الرسالة واضحة: تونس تتحرك عندما توافق الجزائر"، يضيف المقال.
دبلوماسيا، تخلت تونس عن الحياد وانضمت إلى الجزائر. امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة بشأن الصحراء المغربية عام 2012، واستضافت زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي عام 2022، مما أدى إلى قطع علاقاتها مع المغرب.
وقد عمقت قضية بوراوي هذا التفاوت عندما أقالت تونس وزير خارجيتها بدلا من تأكيد سيادتها، في إشارة إلى امتثال استباقي. وحتى عندما سخر المعلقون الجزائريون من تونس واصفين إياها ب "الولاية"، التزمت تونس الصمت، يشير المقال، معتبرا أن "هذا الصمت يعكس التحول من الاستقلال إلى الاحترام".
وتصور الجزائر نفسها، الآن، كضامنة لاستقرار تونس، متباهية بالتنسيق مع روما، ومقدمة نصائح غير مطلوبة بشأن "العودة إلى الديمقراطية"، في الوقت نفسه، يحاكي المسار القانوني لتونس نموذج الجزائر المتمثل في تهم التآمر المبهمة، والمحاكم الاستثنائية، والتعاون الأمني غير الرسمي الذي يطمس الحدود.
واختتم المقال: "إن الأمر لا يتعلق، فقط، بالانحراف الاستبدادي، بل هو نموذج هجين صاغته قواعد اللعبة التي انتهجتها الجزائر بعد الحراك".