الطائرات الحديثة أصبحت حواسيب طائرة والتهديدات السيبرانية تتصاعد في قطاع الطيران


الطائرات الحديثة أصبحت حواسيب طائرة والتهديدات السيبرانية تتصاعد في قطاع الطيران صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

        حذر ألكسندر نيكولايف، خبير الأمن السيبراني الصناعي لدى شركة "كاسبرسكي"، من التحديات المتنامية التي يواجهها قطاع الطيران في ظل التحولات التقنية المتسارعة التي جعلت من الطائرات الحديثة أنظمة رقمية معقدة تعتمد بشكل كامل على الاتصال الشبكي والأتمتة.

وقال إن هذه الطائرات لم تعد مجرد آلات ميكانيكية كما كان الحال قبل عقود، بل أصبحت "حواسيب طائرة" تحتوي على شبكات رقمية وأنظمة إلكترونيات طيران متكاملة، الأمر الذي يفتح الباب أمام مخاطر سيبرانية متزايدة.

 

وأوضح نيكولايف أن التطور الكبير في أنظمة التحكم الرقمي Fly-by-Wire، والاعتماد الواسع على تبادل البيانات اللحظي بين أنظمة الطائرة والجهات الأرضية، يقدم للطيران مزايا مهمة على مستوى الكفاءة والأمان التشغيلي. لكنه في الوقت نفسه يجعل الطائرات هدفا محتملا للهجمات، بخلاف الطرازات القديمة التي كانت تعتمد على أنظمة تناظرية أقل عرضة للاختراق.

 

وأضاف الخبير أن الحادثة التي وقعت في سبتمبر 2016، والتي تمكن خلالها باحثون من اختراق طائرة بوينغ 757 عن بعد خلال يومين فقط باستخدام أجهزة لابتوب ومعدات راديو، كانت بمثابة "جرس إنذار" للقطاع بأكمله، إذ أثبتت أن اختراق الأنظمة الحيوية للطائرة لم يعد أمرا نظريا كما كان يعتقد سابقا.

 

وأشار نيكولايف أيضاً إلى أن كارثة تحطم طائرتين من طراز بوينغ 737 ماكس عام 2019 بسبب خلل برمجي، كشفت على نحو مؤلم مدى خطورة الاعتماد على أنظمة رقمية معقدة دون اختبار برمجي صارم، مؤكدا أن الحماية البرمجية يجب أن تكون أولوية قصوى لضمان سلامة الركاب.

 

وتابع قائلا إن الهجمات السيبرانية المحتملة لا تهدد الطائرة وطاقمها فحسب، بل قد تؤثر أيضا على العمليات التشغيلية لشركات الطيران وعلى سلاسل التوريد اللوجستية التي ترتبط بها، مثل مراكز الصيانة والجهات المنظمة وشبكات الاتصال الأرضية.

 

وأكد الخبير الأمني أن مجال أمن الطائرات السيبراني لا يزال "مغلقا للغاية" بسبب القيود التنظيمية وحساسية المعلومات المتداولة في هذا القطاع. فالتفاصيل الفنية الدقيقة لا تنشر للعامة، ويتم تداولها فقط بين دائرة محدودة من المتخصصين، وهذا يجعل من الصعب تقييم حجم التهديدات الفعلية بدقة.

 

وأضاف أن بعض الباحثين المستقلين تمكنوا بالفعل من الوصول إلى أنظمة غير حساسة في الطائرة، مثل أنظمة الترفيه، ومن ثم التدرج نحو مكونات أكثر ارتباطا بعمليات الطيران، رغم أن أي هجوم مؤكد أدى إلى كارثة جوية لم يسجل حتى الآن.

ومع ذلك، يرى نيكولايف أن تجنب وقوع مثل هذه الحوادث مستقبلاً يتطلب تعاوناً أوسع بين المصنعين وشركات الطيران والجهات التنظيمية وخبراء الأمن السيبراني.

 

وختم الخبير تحذيراته بالتأكيد على أن مستقبل الطيران يعتمد على تعزيز الثقافة الأمنية الرقمية بقدر ما يعتمد على التطور التقني، مؤكدا أن حماية "الحواسيب الطائرة" الحديثة يجب أن تكون أولوية عالمية لضمان سلامة الملايين من المسافرين سنويا .

اترك تعليقاً