الرابحون والخاسرون في الانتخابات التشريعية بكندا

كان للانتخابات التشريعية الكندية التي جرت الأسبوع الماضي نصيب من المفاجآت، ساهمت في إحداث رجة داخل العديد من الأحزاب السياسية.
فبين انتصار الليبراليين بقيادة مارك كارني، والنتيجة المخيبة للآمال التي حققها الحزب الديمقراطي الجديد، وهزيمة زعيم المحافظين في دائرته الانتخابية، شكلت الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 28 أبريل لحظة هامة في التاريخ السياسي الحديث لكندا.
ففي وقت كانت فيه جميع استطلاعات الرأي تتوقع فوزا ساحقا لحزب المحافظين مع نهاية السنة الماضية، حقق مارك كارني، الذي ولج حديثا غمار السياسة، أداء باهرا بانتخابه زعيما للحزب الليبرالي الكندي خلفا لجاستن ترودو، ثم الفوز في الانتخابات التشريعية في غضون أسابيع قليلة. وبفضل خبرته في قيادة البنكين المركزيين في كندا وإنجلترا، تمكن من النأي بنفسه عن حصيلة ترودو، الذي تدنت شعبيته بشكل كبير بعد عشر سنوات أمضاها في السلطة.
خلال الحملة الانتخابية، تعهد زعيم الحزب الليبرالي بتوفير ما يقرب من 500 ألف وحدة سكنية جديدة على مدى السنوات العشر المقبلة، واستثمار أزيد من 30 مليار دولار إضافي في مجال الدفاع برسم السنوات الأربع المقبلة، وتعزيز الولوج لعلاجات طب الأسنان لتشمل حوالي 4.5 مليون كندي. وفي ظرفية تتسم بعدم اليقين الاقتصادي، وتعهد بتنويع الشركاء التجاريين للبلاد وإلغاء القيود بين المقاطعات من أجل بناء اقتصاد كندي "جديد".
ويبدو أن هذا الخطاب تمكن من إقناع فئة هامة من الناخبين، ليتوج هذا المصرفي رئيسا للوزراء في أحد بلدان مجموعة السبع.
وعلى الرغم من أن الليبراليين أخفقوا في نيل الأغلبية المطلقة، إلا أنهم لن يحتاجوا سوى إلى دعم عدد قليل من الأصوات لإدارة شؤون البلاد. وحسب آخر إحصاء أجرته الهيئة المكلفة بتنظيم الانتخابات التشريعية، حصل الحزب الليبرالي الكندي على 169 مقعدا من أصل 343 في مجلس العموم.
استطاع الليبراليون تحسين النتيجة التي حققوها خلال الانتخابات الأخيرة لسنة 2021 (152 نائبا)، ليضمنوا بذلك قيادة البلاد للولاية الرابعة على التوالي.
إذا كان المحافظون قد فشلوا -مرة أخرى- في هزيمة الليبراليين، فإن المفاجأة الكبرى تمثلت في هزيمة زعيم الحزب، بيير بوالييفير، في دائرته الانتخابية كارلتون، في ضواحي أوتاوا، وهي المقاطعة التي مثلها لأزيد من 20 عاما.
إذ أحدث منافسه الليبرالي بروس فانجوي مفاجأة بفوزه بفارق يزيد عن 4300 صوت. ورغم أن المحافظين فازوا بـ143 مقعدا، أي أزيد بـ23 مقعدا مقارنة بما حصلوا عليه قبل أربع سنوات، إلا أن هذه النتيجة لم تكن كافية للفوز بالاقتراع.
بيد أن قانون الغرفة السفلى بالبرلمان ينص على أن يكون زعيم المعارضة الرسمية منتخبا ليتمكن من حمل هذا اللقب.
كان الحزب الديمقراطي الجديد الخاسر الأكبر في الانتخابات، إذ لم يتم انتخاب سوى سبعة فقط من نوابه، مقارنة بـ24 نائبا في 2021. كما مني زعيم هذا الحزب السياسي المنتمي إلى اليسار، جاغميت سينغ، بهزيمة ساحقة في دائرته الانتخابية في بيرنابي سنتر، بضواحي فانكوفر.
وبحصوله على حوالي 6 بالمائة من التصويت الشعبي، تكبد الحزب الديمقراطي الجديد خسائر فادحة في عدة مناطق من البلاد. هذا التعثر دفع بسينغ إلى الاستقالة من قيادة الحزب.
ورغم أنه كان قريبا من الطبقة العاملة، إلا أن الحزب الديمقراطي الجديد خسر مقاعد جميع نوابه المنحدرين من المدن الصناعية في أونتاريو. وسيتعين على مناضلي الحزب الانخراط في إعادة هيكلة جذرية، واختيار زعيم جديد قادر على استعادة القاعدة التاريخية للحزب الديمقراطي الجديد في صفوف الطبقة العاملة.