اليمين المتطرف في انتخابات بلجيكا التشريعية والجهوية والأوروبية يمنى بهزيمة غير منتظرة
عكس التوقعات التي كانت تشير إلى أن حزب "فلامس بيلانغ" اليميني المتطرف سيتمكن من الاكتساح، تمكن القوميون الفلامانيون لحزب التحالف الفلاماني الجديد "إن- في أ" من تعزيز مكانتهم كأول قوة سياسية في بلجيكا، سواء في الجهة الفلامانية أو على المستوى الفيدرالي، وذلك عقب انتخابات ثلاثية، تشريعية، جهوية وأوروبية، أجريت أمس الأحد.
وتمكن حزب بارت دي ويفر، الذي خفف، خلال السنوات الأخيرة، من حدة خطابه الداعي إلى الاستقلال، مع الإعراب عن رغبته في إصلاح الدولة ضمن إطار "كونفدرالي" يمنح المزيد من الصلاحيات للجهات، من الحفاظ على رتبته الأولى في مجلس النواب (الغرفة السفلى بالبرلمان الفيدرالي)، حيث خسر مقعدا واحدا، فقط، ليصبح مجموعه 24 مقعدا، متقدما على "فلامس بيلانغ" (20 مقعدا، +2)، والحزب الليبرالي الفرونكفوني، الحركة الإصلاحية (20، +6)، أحد كبار الفائزين في هذا الاستحقاق الانتخابي.
وحتى لو كان حزب "فلامس بيلانغ" قد بصم على أداء جيد، من خلال فوزه بمقاعد على المستوى الفيدرالي وفي البرلمان الفلاماني، حيث أضحى متعادلا مع حزب "إن- في أ" مع 31 مقعدا لكل منهما (+8 لفلامس بيلانغ و-4 لـ إن- في أ)، إلا أن هذا النجاح يكتسي طعم الهزيمة بالنسبة لهذا الحزب اليميني المتطرف، الذي كان يراهن على فوز كبير يتيح له الظفر بمكانة أساسية في مفاوضات تشكيل الحكومات الجهوية والفدرالية.
هكذا، فإن الموقع الجوهري سيؤول أكثر إلى حزب التحالف الفلاماني الجديد، ولكن، أيضا، للحركة الإصلاحية التي حققت الإنجاز المتمثل في أن تصبح أول حزب فرونكفوني، في كل من والونيا وبجهة بروكسيل-العاصمة، وذلك لأول مرة، منذ انفصالها عن وسطيي الجبهة الديمقراطية للفرونكفونيين (التي أضحت تسمى ديفي) في العام 2011، وقد أصبحت الحركة الإصلاحية تمتلك 26 مقعدا من أصل 75 مقعدا في البرلمان الوالوني و20 مقعدا من أصل 89 مقعدا في برلمان بروكسيل، محتلة بذلك المركز الأول في كلا المجلسين.
وقد تحقق هذا النجاح بشكل رئيس،ي على حساب الحزب الاشتراكي، الذي يحتل المركز الرابع، فقط، على المستوى الفيدرالي بـ 16 مقعدا (-4)، والذي فقد، أيضا، قيادته في البرلمان الوالوني (19 مقعدا، - 4) وببروكسيل (16، -1)، دون نسيان النكسة التي مني بها إيكولوجيو "إيكولو" الذين خسروا 10 مقاعد في البرلمان الفيدرالي، ليحتفظوا بثلاثة، فقط، 7 مقاعد في البرلمان الوالوني (5) و8 مقاعد في برلمان بروكسل (7).
هكذا، أعلن الرئيسان المشاركان لـ "إيكولو"، جان مارك نولي ورجاء معوان، استقالتهما، في اليوم التالي لهذه الهزيمة الانتخابية.
أما بالنسبة للانتخابات الأوروبية، يتقاسم كل من "فلامس بيلانغ" و"إن- في أ" والحركة الإصلاحية المركز الأول بثلاثة مقاعد لكل حزب، وذلك من أصل 22 مقعدا مخصصا لبلجيكا في البرلمان الأوروبي.
واعتبارا من اليوم الاثنين، تنطلق المفاوضات لتشكيل الحكومات الفدرالية والجهوية، وهي عملية عادة ما تكون معقدة وتستغرق الكثير من الوقت، نظرا لتشرذم الطيف السياسي والقطبية الجهوية واللغوية بين الفرونكفونيين والناطقين بالهولندية.
وعلى المستوى الفيدرالي، يظل السيناريو الأكثر منطقية، وفقا للمراقبين، هو أغلبية يقودها "إن- في أ" والحركة الإصلاحية، في نوع من إعادة تشكيل الائتلاف "السويدي" لحكومة شارل ميشيل لعام 2014 (في إشارة إلى اللونين الأزرق للحركة الإصلاحية والأصفر لـ "إن- في أ"، والمماثلة للوني العلم السويدي)، حيث إن الأحزاب البلجيكية عازمة على الحفاظ على "الطوق الصحي" الذي يحول دون وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.
ومع ذلك، سيتعين على الحركة الإصلاحية وحزب "إن- في أ" ضم فاعلين آخرين من أجل بلوغ الأغلبية في الغرفة، إذ يمكن أن تنضم أحزاب أخرى إلى الأغلبية، من قبيل الملتزمون (وسطيون فرونكفونيون)، المفاجأة الأخرى في هذه الانتخابات بحصولهم على 14 مقعدا فيدراليا (+9)، والحزب الديمقراطي المسيحي الناطق بالهولندية، وحزب "أوبن في إل دي" (الليبرالي، الناطق بالهولندية).
وفي الجهة الفلامانية، أيضا، يعارض "إن- في أ" أي تحالف مع "فلامس بيلانغ"، وبذلك، جدد بارت دي ويفر، الأحد، رفضه فتح الباب أمام اليمين المتطرف، معلنا فوزه في الانتخابات الإقليمية علما أن الحزبين يستحوذان بالضبط على نصف مقاعد البرلمان الجهوي، بواقع 31 مقعدا لكل منهما.
وفي الجهة الوالونية وبروكسيل، تتجه الحركة الإصلاحية، باستثناء حدوث مفاجأة، إلى الوصول للسلطة، وذلك على الأرجح بمساعدة "الملتزمين" بوالونيا، وفي بروكسيل العاصمة سيتعين على الليبراليين توسيع نطاق تحالفاتهم من أجل تشكيل الأغلبية في برلمان يبدو أكثر انقساما.