لمغرب - الجزائر: التاريخ سيسجل من مد يده بالخير ومن رد عليها بالشر

منذ اعتلائه العرش عام 1999، دأب الملك محمد السادس على مد يده الممدودة للجزائر، حاثا إياها على تطبيع العلاقات، وإعادة فتح الحدود، وإحياء التكامل المغاربي، إلا أن كل مبادرة مغربية صادقة قوبلت بالصمت أو العداء من الجزائر.
في خطابه التاريخي بمناسبة عيد العرش في 30 يوليوز 2025، أكد الملك مجددا التزام المغرب الراسخ بحوار صريح وصادق حول جميع القضايا العالقة. وكانت رسالته واضحة: المغرب لا يزال منفتحا على المصالحة والتعاون الإقليمي.
هذا ليس موقفا جديدا. ففي عام 2005، زار الملك محمد السادس الجزائر لحضور قمة جامعة الدول العربية، مؤكدا على الروابط الراسخة بين الشعبين المغربي والجزائري، وروابط التاريخ والثقافة والمصير المشترك. وقد وصف البلدين مرارا وتكرارا بأنهما شعبان شقيقان، تجمعهما الجغرافيا والدم، وحافظ على سياسة الانفتاح وحسن النية.
نهج المغرب ليس دبلوماسيا فحسب، بل تاريخي، إذ خلال حرب استقلال الجزائر، وقفت المملكة المغربية وشعبها بثبات إلى جانب إخوانهم الجزائريين، مقدمين لهم السلاح والمأوى والدعم الثابت، وكان المغرب بمثابة القاعدة الخلفية الرئيسية لجيش التحرير الجزائري. ومن المفارقات، أنه بعد عقود، أصبحت الجزائر القاعدة الخلفية لميليشيا انفصالية فشلت في مخططها الانفصالي في جنوب المغرب.
بينما ينادي المغرب بالوحدة والتعاون، اختارت النخبة الحاكمة في الجزائر بقيادة مؤسسة عسكرية مختبئة خلف واجهة مدنية هشة، المواجهة.
في عهد الرئيس تبون والجنرال شنقريحة، ضاعفت الجزائر دعمها لجبهة البوليساريو، محولة إياها إلى هوس ترعاه الدولة. لم يكن رد فعل النظام على اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه هو الحوار، بل القطيعة الدبلوماسية.
مع تزايد الدعم الدولي للمغرب وأقاليمه الإقليمية، تواصل الجزائر عزلتها، وتعاقب حتى مواطنيها بإجراءات تضر بالعائلات المغربية الجزائرية المختلطة. من حظر الرحلات الجوية المغربية عام 2021 إلى فرض تأشيرات على المغاربة، صعدت الجزائر التوترات من جانب واحد.
طوال هذه الفترة، التزم المغرب الصمت، رافضا الانجرار إلى الاستفزازات. التاريخ سيحكم في نهاية المطاف على من سعى لتحقيق التكامل والوحدة المغاربية، ومن وقف في طريقها.