هل يتحمل المستهلك مسؤولية ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والأحشاء مع اقتراب عيد الأضحى؟

رغم إلغاء شعيرة الأضحية، رسميا هذا العام، لا تزال الأجواء الاحتفالية قوية في العديد من البيوت المغربية.
ونتيجة لذلك، تشهد محلات الجزارة ازدحاما كبيرا وطلبا متزايدا، لا سيما على الأحشاء، مما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار، وهي ديناميكية تُبرز بشكل خاص دور المستهلك.
و لا يزال الطلب على اللحوم الحمراء، وخاصة لحم الضأن، مستمرا دون انقطاع، إذ تحرص العديد من العائلات على إحياء أجواء العيد، حيث يرى الكثيرون أنه من المستحيل قضاء العيد دون شواء، ودون "البولفاف"، وهو طقس طهي تقليدي في اليوم الأول.
فقد كان سعر" كرشة "الضأن عادة حوالي 250 درهما، أما الآن فيتراوح بين 500 و700 درهم في العديد من محلات الجزارة في جميع أنحاء البلاد.
ووفقا لخبراء في هذا المجال، قد يرتفع السعر إلى 1000 درهم في الأيام المقبلة، إذ أكد محمد جبلي، رئيس الفيدرالية المغربية للفاعلين في قطاع المواشي، هذا التوجه المقلق.
وأضاف جبلي في تصريح صحفي، قائلا: "ارتفعت أسعار لحوم الأغنام مع اقتراب عيد الأضحى المبارك ولا يزال الطلب مرتفعا رغم إلغاء الذبح، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار".
في ظل ارتفاع الطلب وقلة العرض، تسود قواعد السوق، ولم تعلن السلطات عن أي إجراءات تنظيمية مباشرة، مما يتيح المجال للمضاربة، وهذا وضع مقلق، لا سيما بالنسبة للأسر التي تضعف قدرتها الشرائية أكثر فأكثر.
في مواجهة هذا الارتفاع، يدعو جبلي المستهلكين إلى التحلي بالحكمة: "محلات الجزارة لا تنوي إغلاق أبوابها هذا العام، إذ لن يكون هناك احتفال. لذا، لا داعي للتسرع في تخزين كميات كبيرة، فهذا لا يؤدي إلا إلى تفاقم ارتفاع الأسعار".
هذا الرأي يشاركه فيه بوعزة الخراطي، رئيس الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلك، الذي يصر على المسؤولية المباشرة للمستهلكين في الديناميكيات الحالية للسوق، حيث قال، في هذا الصدد:" أولئك الذين يشتكون، اليوم، من ارتفاع الأسعار هم، في الغالب، أولئك الذين تسببوا، على نحو متناقض، في هذه الزيادة من خلال التسرع في شراء النفايات".
وأشار الخراطي إلى أن هذه المنتجات تُستهلك عادة في الشتاء، ونادرا ما تشترى كاملة، مردفا القول:" عادة ما تُباع الأحشاء مُجزأة، يحضرها الجزارون بعناية، مع ذلك، هذا العام، رغب الكثيرون في شراء "دوارة" كاملة، مما أدى إلى ارتفاع الطلب عليها بشكل كبير".
كما يؤكد الخراطي أنه، كما هو الحال في أي فترة تشهد ذروة استهلاك، يسري قانون العرض والطلب، مشددا على أن السبيل الوحيد لتنظيم هذه الظاهرة هو الوعي الجماعي.
واعتبر أنه من غير المنطقي التنديد بارتفاع الأسعار مع المساهمة في تضخيمها، مبرزا أنه في ظل الظروف الراهنة، يقع جزء كبير من المسؤولية على عاتق المستهلك نفسه. واختتم بالقول: "وبموافقة المستهلك على دفع أسعار باهظة دون تمييز، يوفر للمهنيين عديمي الضمير بيئة خصبة للاستغلال".