نافذة مغربية على العصر الجوراسي: اكتشاف حفريات استثنائية في الأطلس المتوسط

في جبال الأطلس المتوسط، بالقرب من بولمان، يثير اكتشاف أحفوري اهتماما كبيرا في الأوساط العلمية. فقد استخرج فريق من الباحثين الوطنيين والدوليين من التربة المغربية ثلاث أسنان متحجرة، تعود لديناصورات عملاقة جابت الأرض قبل أكثر من 165 مليون سنة.وتعد هذه أقدم بقايا مجموعة تورياصوريا التي عثر عليها في القارة الأفريقية.تورياصوريا ديناصورات عشبية ضخمة، من أقارب الصوروبودات، وتشتهر برقابها غير المتناسبة وشكل أجسامها الضخم. ومع ذلك، وعلى عكس الصوروبودات الأكثر تطورا، والتي تسمى نيوصوروبودات، تتميز تورياصوريا بخصائص مورفولوجية مميزة، لا سيما أسنانها الضخمة والمسطحة والقلبية الشكل.وقد أتاحت هذه السمات السنية للعلماء نسب الأحافير التي عُثر عليها في الأطلس المتوسط إلى هذه المجموعة.و يعود هذا الاكتشاف إلى فترة تسمى "الباثونيان"، وهي مرحلة من العصر الجوراسي الأوسط، بين 168 و166 مليون سنة قبل الميلاد. كانت هذه فترة بالغة الأهمية في تطور الفقاريات البرية الكبيرة، حيث بلغ تنوع الديناصورات ذروته. حتى ذلك الحين، كانت أقدم آثار تورياصوريا من أوروبا.و يتغير هذا الوضع مع اكتشاف حفريات في جبال الأطلس المتوسط، بالقرب من بولمان، المغرب.ثلاثة أسنان متحجرة تعود إلى ديناصورات عملاقة جابت الأرض منذ أكثر من 165 مليون سنة. يُثري وجودها في المغرب فهما للتوزيع الجغرافي لهذه المخلوقات خلال تلك الحقبة البعيدة، لكن أهمية هذا الاكتشاف لا تقتصر على هذه الأسنان الثلاثة. فقد نتج عن موقع التنقيب، المعروف بثرائه بالأحافير، العديد من العينات الاستثنائية على مر السنين.من بينها، تعرّف الباحثون على أقدم ديناصور أنكيلوصور، وهو ديناصور مدرع اكتُشف في العالم، بالإضافة إلى ما يبدو أنه أقدم طائر معروف حتى الآن. وقد سهّلت التضاريس، التي أصبحت أكثر سهولة الوصول إليها بسبب الفيضانات الأخيرة التي كشفت عن طبقات جيولوجية معينة، تحديد موقع هذه البقايا الثمينة.و يعزز هذا الإنجاز الأحفوري الجديد الدور المحوري الذي يلعبه المغرب في فهم تطور الديناصورات.بموقعها على مفترق طرق القارات القديمة، تتيح المملكة فرصة لتتبع هجرات وتكيفات وتنوع العديد من أنواع ما قبل التاريخ.و يبدو الآن أن تورياصوريا، التي كانت تعتبر في السابق أوروبية بالأساس، كانت منتشرة على نطاق أوسع بكثير مما كان يعتقد سابقا.و يكشف هذا الاكتشاف عن جزء غير معروف إلى حد كبير من تاريخ الحياة. وهو يدفع العلماء إلى إعادة النظر في بعض الفرضيات حول طرق انتشار الديناصورات في العصر الجوراسي، والاعتراف بمنطقة الأطلس الأوسط كملاذٍ حقيقي للأحافير.