قانون المالية في تونس على المحك: ترجيحات بإعادته إلى البرلمان ورفض رئاسي محتمل
صورة - م.ع.ن
تشهد الساحة السياسية في تونس جدلًا واسعًا حول مشروع قانون المالية، الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه مؤخرا، وسط ترجيحات متزايدة بإمكانية رفض الرئيس قيس سعيّد ختمه وإعادته إلى مجلس النواب لقراءة ثانية، بسبب ما وُصف بإشكالات دستورية واقتصادية.
وفي هذا السياق، قالت النائبة البرلمانية فاطمة المسدي إن فرضية عدم ختم رئيس الجمهورية لقانون المالية “واردة بقوة”، مشيرة إلى أن المشروع يتضمن فصولا تخالف الدستور، معتبرة أن إعادته إلى البرلمان تمثل “مسارا دستوريا سليما”.
من جهتها، وجهت وزيرة المالية التونسية، مشكاة سلامة الخالدي، انتقادات حادة لمشروع القانون خلال مداخلة لها في البرلمان، معتبرة أن بعض فصوله لا تنسجم مع روح الدستور، دون أن تحسم مسألة إعادته لقراءة ثانية.
ويرى المحلل السياسي فريد العليبي أن الجدل الذي رافق المصادقة على القانون فتح باب التساؤلات حول مصيره النهائي، مرجحا إمكانية امتناع الرئيس عن ختمه وإرجاعه إلى البرلمان.
وأوضح أن مشروع القانون يتضمن فصولًا مثيرة للجدل، اعتبرها بعض النواب غير متناسبة مع الإمكانيات المالية للدولة أو مشكوكا في نجاعتها الاقتصادية، في حين رأى آخرون أنها تنسجم مع التوجهات الرسمية للرئيس القائمة على مفهوم “الدولة الاجتماعية”.
وأضاف العليبي أن هناك أيضا ملاحظات دستورية تتعلق بتناسق بعض الإجراءات المالية وحدود صلاحيات قانون المالية، فضلا عن وجود تباينات بين مجلس النواب ومجلس الجهات والأقاليم، ما يعكس غياب الانسجام بين الغرفتين التشريعيتين.
وخلص العليبي إلى أن هذه العوامل مجتمعة تجعل خيار إعادة القانون إلى البرلمان أكثر ترجيحا، خاصة في ظل ما يعرف عن الرئيس من تشدد في احترام الدستور، غير أن الاعتبارات الاقتصادية وضغط الزمن قد يدفعان في المقابل إلى ختم القانون تفاديا لتعطيل مصالح الدولة.
ويأتي هذا الجدل في وقت صادق فيه البرلمان على فصول أثارت نقاشا واسعا، من بينها تمكين التونسيين المقيمين داخل البلاد من استيراد سيارات من الخارج دون إخضاعها للرسوم الجمركية.
بدوره، أكد المحلل السياسي محمد صالح العبيدي أن الغموض لا يزال يلف مصير قانون المالية لسنة 2026، معتبرا أن الجدل الحالي كان متوقعا. وأضاف أن بعض الفصول، وعلى رأسها مسألة توريد السيارات، قد تفرض أعباء كبيرة على المالية العمومية واحتياطي العملة الأجنبية، ما يضع مشروع القانون أمام اختبار حقيقي.