فشل محاولة إسقاط حكومة لوكورنو و المعارضة تواجه انقسامات وتحديات في البرلمان الفرنسي

خاضت المعارضة المتحدة من كتل "اللافيون"، الشيوعين والبيئيين في صباح اليوم معركة سياسية لإسقاط الحكومة التي يقودها سيباستيان لوكورنو عبر طرح مقترح حجب الثقة، لكن الطريق لم يكتب لها النجاح. فغياب أسماء بارزة تكرس كمتحدثين من جانب المعارضة حمل مؤشرا مبكرا على أن المبادرة لن تلقى صدى كافيا.
بعد أكثر من ثلاث ساعات من الجدل والمداخلات الحادة داخل قبة البرلمان، ظهر التصويت وكأنه أكد كل التوقعات: لم يتجاوز عدد الأصوات المؤيدة للمقترح 271 صوتا، أقل من الحد المطلوب لسقوط الحكومة. هذا رغم أن بعض النواب من الصفوف القومية ومن المتحالفين مع اليمين المتطرف قد انضمّوا إلى التصويت، تأييدا لبعض فقرات المقترح.
من جهات اليسار الأخرى، بدت الأصوات متراصة تقريبا، بينما أعلن بعض المنشقين من الحزب الاشتراكي تحديهم لخط الحزب الرسمي بعدم التصويت، في موقف دال على التوتر الداخلي في صفوفهم.
أما المقترح الثاني المقدم من الحزب اليميني الراديكالي، الذي يفترض أن يعرض لاحقا، فمن المتوقع أن يتلقى مصيرا مشابها، خصوصا أن المعسكر اليساري أعلن مسبقا رفضه التام لأي دعم من هذا الطرف، مهما كانت الظروف.
لقد بادرت المعارضة إلى استئناف الحياة البرلمانية بعد عطلة طويلة، في جلسة شهدت مداخلات قوية وتصريحات تصعيدية على المنصة. وافتتحت النائبة Aurélie Trouvé هجومها على الحكومة من خلال اتهامها بتقويض الأسس الديمقراطية، زاعمة أن الرئيس ماكرون لم يعد الضامن للدستور، وأن رفض الحكومة اليوم هو دفاع عن أصوات المواطنين، وجهت حديثها نحو النواب الاشتراكيين مطالبة إياهم "بشجاعة" التخلي عن موقف الامتناع والدفع نحو الحجب الحقيقي.
في المقابل، تعامل كبار البرلمانيين الاشتراكيين بحذر مع الدعوة، مؤكدين أن رفضهم التصويت لا يعني دعم الحكومة، بل يعد خطوة تكتيكية في خضم صراع سياسي معقد.
وقد أوضح منهم النائب لوران بوميل أن قراراتهم اتخذت على ضوء عدة اعتبارات، من بينها الحفاظ على مقاعدهم، وأشار إلى أن موقفهم قد يفسر على أنه "انتصار تكتيكي " لا تحالف دائم مع السلطة.
الوزير الأوّل لوكورنو اختار المقاربة المختصرة في الرد، مجددا تأكيده على روح التوافق التي ينبغي أن تسود النقاشات، ورفضه أن تتحول هذه المسائل إلى معارك على دستور الجمهورية. كما لمح إلى سعة الأفق السياسية قائلا: "هذه الحركات غير المسبوقة في تاريخ الجمهورية الخامسة" في إشارة إلى وجود أجواء غير مسبوقة في البرلمان.
بدورها، وجهت نائبة اليمين المتطرف انتقادات لاذعة للعرض السياسي الحالي، ووصفت النقاش بأنه "مسلسل مريع" وسمت التوتر السياسي "سما للديمقراطية".
من جهته، تحدى زعيم اليمين الإقليات في النظام الحزبي، متهما بعض التيارات بالخيانة السياسية أو النفاق، في جو تصاعد فيه التوتر بين الفصائل.
مع فشل المحاولة الأولى، يبدو أن الحكومة ستستعيد خطواتها نحو مناقشة الميزانية اعتبارا من الاثنين القادم في لجنة المالية داخل البرلمان. أمام هذه الديناميكية، لا يزال المستقبل السياسي قابلًا للتغير، وقد تشهد الأسابيع المقبلة مناورات برلمانية جديدة لمحاولات الحجب أو تصويتات مصيرية على الثقة.