توسع الاتحاد الأوروبي تحت الهاجس الجيو-سياسي


توسع الاتحاد الأوروبي تحت الهاجس الجيو-سياسي
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      خلال إعادة تنشيط مسلسل توسيع الاتحاد الأوروبي، تعتزم بروكسيل بعد التردد بشأن هذا الملف لفترة طويلة، تدعيم المشروع الأوروبي من خلال القيام بخيار جيوسياسي صرف يتمثل في فتح باب المفاوضات أمام كل من أوكرانيا ومولدافيا.

وقبل أن تكون مجرد اعتبارات اقتصادية، اجتماعية أو ثقافية، فإنها قبل كل شيء الرغبة في تعزيز الفضاء الجيوسياسي الأوروبي، لاسيما في مواجهة فاعلين أقوياء مثل روسيا والصين، والتي دفعت المفوضية الأوروبية إلى القيام، يوم الأربعاء، بإصدار توصية تهم إطلاق مفاوضات الانضمام مع كل من أوكرانيا ومولدافيا.

وبعد تحديات الهزة الجيوسياسية المتنامية، يبدو أن الاتحاد الأوروبي عازم على المضي قدما نحو توسيع حدوده نحو آفاق جديدة، والدفاع عن مصالحه وتعزيز قيمه ونمط الحياة الذي يتبناه في جواره المباشر.

 

هكذا، فإن بروكسيل، الراغبة في استعادة المشروع الأوروبي، الذي تعطل على نحو جدي بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تخلت جزئيا عن ترددها وأظهرت استعدادها لاستيعاب الدول ذات المعايير السياسية والاقتصادية التي اعتبرت حتى الآن أدنى من معاييرها.

بينما اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن "التوسع هو سياسة حيوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي. استكمال اتحادنا هو نداء التاريخ، الأفق الطبيعي لاتحادنا"، مضيفة أن توسيع الاتحاد الأوروبي "يستجيب أيضا لمنطق اقتصادي وجغرافي سياسي قوي".

ومع ذلك، لا تحظى جميع الدول التواقة إلى الانضمام للتكتل الأوروبي بنفس التعامل. وإذا كانت أوكرانيا ومولدافيا قد قطعتا شوطا كبيرا بفضل التوصية الصادرة عن المفوضية الأوروبية، والتي ينبغي أن تنال مصادقة المجلس الأوروبي، فإن بلدانا أخرى لا تزال تنتظر معاملة من هذا القبيل.

وفي هذا الصدد، يؤكد الاتحاد الأوروبي أن الانضمام "كان وسيظل عملية قائمة على الاستحقاق، وتعتمد كليا على مظاهر التقدم الموضوعي الم حرز من قبل كل دولة"، ويبرر احتمال فتح المفاوضات مع كييف وتشيسيناو من خلال "النتائج التي تم التوصل إليها" من قبل هذين المرشحين في جهودهما الإصلاحية المتواصلة.

لكن وبحسب العديد من المراقبين، فإن تسريع الملفين الأوكراني والمولدافي، تمليه قبل كل شيء ضرورة إعادة توزيع الأوراق الجيوسياسية الإقليمية في مواجهة العملاق الروسي. وينطبق نفس الاعتبار على جورجيا، التي حصلت على الضوء الأخضر من قبل المفوضية للحصول على صفة المرشح للعضوية.

هذا وتركت البلدان السبعة والعشرون الباب مفتوحا أمام دول غرب البلقان. وأوصت المفوضية أيضا بفتح مفاوضات الانضمام أمام البوسنة والهرسك "بمجرد تحقيق الدرجة اللازمة من الامتثال لمعايير الانضمام".

وتمر دول أخرى، مثل صربيا والجبل الأسود وألبانيا، بمراحل مختلفة من التقدم في تنفيذ الإصلاحات والإجراءات التي طالبت بها بروكسيل، والتي قد تستغرق عملية اندماجها ضمن التكتل الأوروبي وقتا أطول.

وتبدو الأمور أكثر تعقيدا بالنسبة لتركيا، على الرغم من كونها المرشح الأقدم، وباعتبارها "شريكا أساسيا بالنسبة للاتحاد الأوروبي"، بحسب المفوضية التي ترى أن أنقرة "ينبغي عليها اتخاذ إجراءات حاسمة" للاستجابة للمطالب الأوروبية. ومن المقرر تقديم تقرير عن حالة العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى المجلس في نونبر "بهدف المضي قدما على نحو استراتيجي واستشرافي".

ويرى الزعماء الأوروبيون أن تكريس الاتحاد الأوروبي كقوة جيوسياسية يمر عبر التكامل بين بلدان أوروبا الشرقية ومنطقة البلقان، التي ستعمل بالتالي على تقاسم قيمه والدفاع عنها.

ولا تخلو هذه الرؤية من إثارة التردد بين المتشككين، الذين يخشون أن يتحول الاتحاد إلى فضاء غير متماسك وغير فعال وغير قابل للحكم، من حيث أنه يضم فاعلين متعددين ذوي أولويات وتحديات مختلفة.

هذا في الوقت الذي يدعو العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى إجراء إصلاح عميق للتكتل الأوروبي، وهو الإصلاح الذي ينبغي أن يسبق أي عملية توسع، مع إعادة صياغة البنية المؤسساتية والميزانية. حيث كانت هذه الفكرة في صلب القمة الأوروبية التي عقدت مؤخرا في غرناطة بإسبانيا.

ما يجعل ضرورة استمرار المشاورات للاتفاق بشأن نطاق إصلاح من هذا القبيل، والذي سيستهدف، على الخصوص، نظام التصويت بالإجماع، المسؤول عن عمليات التعطيل وحق النقض، فضلا عن إنشاء مستويات مختلفة من العضوية للاتحاد الأوروبي.

 

ولا تزال مسألة البرمجة تثير الانقسام. وبينما يطمح البعض إلى توسيع كبير للتكتل بحلول العام 2030، فإن البعض الآخر لديه تحفظات ويريد الاستمرار في المضي قدما على أساس كل حالة على حدة، اعتمادا على أوجه التقدم المحرزة من طرف كل مرشح، دون إمكانية اعتماد "طرق مختصرة

اترك تعليقاً