تراجع اقتصاد الصين خلال سنة 2023


تراجع اقتصاد الصين خلال سنة 2023
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      لم تكن السنة التي تشارف على نهايتها سهلة بالنسبة للصين، ذلك أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وعلى عكس كل التوقعات، عرف تراجعا في انتعاشه بعد الوباء، غير أن ذلك لا يقلل من ثقل العملاق الآسيوي، وقدرته على الانتعاش على الرغم من السياق الدولي الصعب.

وتوقع المحللون، في بداية السنة، انتعاشا كبيرا لاقتصاد البلد بعد رفع التدابير الصحية الصارمة التي تم اعتمادها خلال أزمة كوفيد-19. إلا أنه مع ذلك، فإن آلة هذا "المصنع العالمي" الضخم لم تدر بالسرعة المطلوبة، والسبب في ذلك يعزى لتباطؤ القطاع العقاري، وانخفاض الطلب، لاسيما على المنتجات المصنعة.

وتعتبر سياسات فك الارتباط التي اعتمدتها بعض البلدان ازاء الصين ذات تأثير على الطلب الخارجي، باعتبار أن بلد ماو يحتل مكانة مركزية في سلاسل الصناعة والامداد العالمية.

لكن هذه السياسات التي تروم تقليل الاعتماد على الصين على خلفية التوترات الجيوسياسية الصينية الأمريكية، أدت إلى انخفاض الصادرات الصينية. فعرفت صادرات الصين في يوليوز الماضي أكبر انخفاض لها منذ أكثر من ثلاث سنوات. وتراجعت مبيعات المنتجات الصينية الموجهة نحو الخارج بنسبة 14,5 بالمائة على أساس سنوي خلال هذا الشهر، وذلك وفقا لمعطيات الجمارك الصينية.

ويتعلق الأمر بأكبر انخفاض منذ يناير - فبراير 2020 (17.2- في المائة)، عندما توقف الاقتصاد الصيني عمليا مع بداية جائحة كوفيد-19.

وتواصل بكين رفض هذه السياسات، بحجة أن فك الارتباط الذي تسعى إليه بعض البلدان، "غير ممكن".

إذ يرى المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين إن إقامة الجدران أو الحواجز، وفك الارتباط أو قطع سلاسل الامداد، والتقليص من المخاطر وغيرها من التصريحات "يخلق الكثير من الضجيج"، مؤكدا أن الصين، في هذا السياق الصعب، ستظل وفية لسياسة الانفتاح.

وعلى الجبهة الداخلية، واصلت الصين جهودها لتحقيق أهداف النمو لسنة 2023، مع إرساء الأسس لنمو أكثر استدامة في السنوات القادمة طبقا للمخططات التنموية على المديين المتوسط والطويل.

وبالملموس في بداية هذه السنة، راهنت الحكومة على نمو بنسبة 5 بالمائة للناتج المحلي الإجمالي، وهو الهدف الذي اعتبره المحللون الغربيون "طموحا جدا" في ضوء الرياح المعاكسة التي تهب على الصين.

وبفضل سياسات الاقتصاد الكلي التي تم تنفيذها على مدار السنة، بدأ الاقتصاد الصيني يظهر علامات الانتعاش في الأشهر الأخيرة من العام.

وأظهر الارتفاع الأكثر من المتوقع بنسبة 6,6 بالمائة في الإنتاج الصناعي، بالإضافة إلى ارتفاع بنسبة 10,1 بالمائة في مبيعات التجزئة، أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم بصدد تحقيق الهدف السنوي للناتج المحلي الإجمالي البالغ 5 بالمائة، وسيواصل الاضطلاع بدور قاطرة الاقتصاد العالمي.

 

هذه التوقعات دعمها صندوق النقد الدولي من خلال حديثه عن استقرار الاقتصاد الصيني بعد التباطؤ الملحوظ منذ الربع الأول.

 

أما بالنسبة لسنة 2024، قامت الهيئات التدبيرية بالبلد بمضاعفة المبادرات، لرسم الطريق التي يتعين اتباعها لتعزيز أسس الاقتصاد ووضع البلد على مسار النمو المستدام.

غير أن المهمة لن تكون سهلة، ذلك أن البنك الدولي يتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4,5 بالمائة سنة 2024 مقابل 5,2 بالمائة سنة 2023.

ويرى المحللون أن تأثير التباطؤ الصيني سنة 2024 سيكون مؤثرا خارج حدود هذا البلد الرائد صناعيا، وأول مصدر ومستورد في العالم.

 

وذكرت وكالة التصنيف الائتماني فيتش في نونبر الماضي إن التباطؤ في الصين "يلقي بظلاله على آفاق النمو العالمي". ولذلك ستتجه الأنظار إلى الصين في بداية سنة 2024 لمعرفة كيف سيتطور الوضع في هذا البلد، لا سيما في قطاع العقار، مع تخوف بعض الأصوات من تكرار أزمة الرهن العقاري سنة 2008.

 

ولا تزال ذكرى الكوابيس عن "العدوى المالية" من تلك السنة المظلمة يتردد صداها في الأذهان.

 

اترك تعليقاً