المقاولات المغربية الناشئة حاضرة بقوة في معرض فيفا تيك بباريس

تشارك وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة بنشاط في معرض "فيفا تيك" في باريس (11-14 يونيو)، الموعد السنوي الرائد في مجال الابتكار التكنولوجي.
وفي هذا الإطار، نظمت الوزارة ثلاث جلسات نقاش ضمن منصة "أفريكا-تيك"، في تجسيد لرغبة المغرب في الإسهام في دينامية إفريقية يقودها الابتكار وريادة الأعمال التكنولوجية.
وخلال الجلسة الأولى، التي نظمت أمس الجمعة بعنوان "المقاولات الصغرى والمتوسطة والتكنولوجيا: محركات الابتكار والنمو في الأقاليم"، تم إلقاء الضوء على الدور الاستراتيجي الذي تضطلع به هذه المقاولات في تحويل الاقتصادات الجهوية، إذ بفضل مرونتها وخبرتها القطاعية، تسهم هذه الشركات في تحديث القطاعات التقليدية وخلق فرص شغل مؤهلة.
وبهذه المناسبة، أبرز مدير المنظومات وريادة الأعمال الرقمية بوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، إدريس لمجاوري، أن الوزارة تضع المقاولة التكنولوجية الصغرى والمتوسطة ورقمنة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة كرافعات هيكلية للاستراتيجية الرقمية "المغرب 2030"، وذلك من خلال إدماجها في منظومة للابتكار قائمة على البحث والتكنولوجيات الناشئة.
وفي ذات السياق، شدد الكاتب العام لفيدرالية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وترحيل الخدمات، محسن بنعشير، على أهمية المقاولات التكنولوجية المغربية في الترويج لعلامة "صنع في المغرب" على الصعيد الدولي، مضيفا أن الفيدرالية تعمل بشكل وثيق مع الوزارة لدعم هذا المنظومة، لاسيما من خلال أدوات ملائمة ومشاركة نشطة في أبرز الفعاليات التكنولوجية، سواء داخل المملكة أو خارجها.
من جانبه، أبرز الرئيس المدير العام لشركة "أنصوفت"، عبد اللطيف بنيدر، الرهانات الحاسمة المرتبطة بالتمويل والولوج إلى السوق لمواكبة نمو هذه المقاولات بشكل فعال.
وسلطت الجلسة الثانية، التي خصصت لموضوع "القيمة المضافة للمواكبة ضمن المنظومة الناشئة"، الضوء على الدور المحوري الذي تضطلع به المواكبة في نجاح الشركات الناشئة.
وأشار المتدخلون بأن المواكبة، إلى جانب التمويل، تساهم في تعزيز الكفاءات، وتمكين الولوج إلى شبكات من الخبراء والمستثمرين، وكذا في تأطير الشركات الناشئة من الناحية القانونية والتنظيمية، مع تعزيز التحقق من ملاءمة منتجاتها أو خدماتها مع السوق بشكل أفضل.
وفي هذا السياق، قدمت المديرة العامة ل "تيكنوبارك المغرب"، لمياء بنمخلوف، هذه المؤسسة كمكون فعلي لمنظومة الدعم، من خلال توفير بنية تحتية ذات جودة، ومواكبة ملائمة لمختلف مراحل تطوير الشركات الناشئة، وولوج ميسر إلى التمويل والفرص، بالإضافة إلى شبكة من الخبراء الوطنيين والدوليين، موضحة أن هذا الدعم يتجسد عمليا من خلال معدل نجاح يبلغ 90 في المائة لفائدة الشركات الناشئة التي تستفيد من مواكبة شبكة "تيكنوبارك".
وذكر مهدي العلوي، مؤسس شركة" Station" الناشئة، بأن نجاح المنظومة المقاولاتية المغربية يرتكز بالأساس على دينامية جماعية، فيما حذر حمزة الجديدي، الرئيس المدير العام لشركة "Aivis"، من أن الشركة الناشئة قد تفشل، حتى وإن توفر لها تمويل مهم، إذا لم تحظ بمواكبة قوية. أما عمر العدلوني، مؤسس منصة "Juridia"، فقد قدم شهادات ملموسة حول الأثر الإيجابي للتأطير على نمو المقاولات الناشئة.
أما الجلسة الثالثة، التي حملت عنوان "مفاتيح الشراكات الناجحة بين صناديق رأس المال المخاطر والشركات الناشئة"، فقد استكشفت شروط الشراكات الفعالة بين صناديق رأس المال والشركات الناشئة. وركزت المناقشات على أهمية الثقة والرؤية المشتركة والدعم الاستراتيجي بعد الاستثمار.
وأوضحت زكية رزقي، مكلفة بمهمة بوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أن انتظارات صناديق رأس المال المخاطر تتجاوز مجرد وجود منتج واعد، فما يبحثون عنه حقا هو مشاريع محكمة الإعداد وقادرة على بناء علاقة ذات قيمة ومستدامة بعد الاستثمار، مشددة على أهمية التحضير المسبق لمرحلة جمع التمويلات، والقدرة على إرساء الثقة المتبادلة.
من جهتها، أبرزت إيمان بنيس، عن برنامج "فاوندرز 212" التابع لصندوق الإيداع والتدبير للاستثمار (CDG Invest)، النمو الملحوظ الذي تشهده صناعة رأس المال المخاطر في المغرب، مدعومة بمبادرات عمومية وبمنظومة رقمية تشهد نضجا متسارعا. وذكرت بأن صناديق رأس المال لم تعد تقتصر على الدعم المالي، فقط، بل أصبحت تضطلع بدور استراتيجي لدى المؤسسين، سواء على مستوى هيكلة الشركات الناشئة أو توسيع نطاقها.
من خلال هذه النقاشات الغنية والمثمرة، يجدد المغرب تأكيده على إرادته القوية في مواكبة الجيل الجديد من رواد الأعمال الأفارقة، وذلك في إطار بناء منظومة رقمية شاملة، مبتكرة، ومولدة للقيمة على صعيد القارة الإفريقية.
ويضم الوفد المغربي، الذي تقوده وزارة الانتقال الرقمي والإصلاح الإداري إلى معرض "فيفا تيك 2025"، أكثر من 25 شركة ناشئة حاملة لمشاريع في قطاعات استراتيجية تتنوع بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، والصحة الرقمية، والتكنولوجيا الخضراء، وحلول الحوسبة السحابية، وكذا تحول الخدمات العمومية.
ويفرض الجناح المغربي نفسه كواجهة للحلول التي طورتها هذه الشركات الناشئة الشابة، والتي تجسد جيلا جديدا من المبتكرين المستعدين لرفع تحديات التكنولوجيا في المستقبل.