الصحراء المغربية.. حان الوقت للجزائر والبوليساريو لمواجهة الواقع

شكلت الرسالة الأخيرة التي بعث بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى الملك محمد السادس، التي جدد، من خلالها، اعتراف أمريكا بسيادة المغرب الكاملة على كامل أراضيه الصحراوية، صدمة للنظام العسكري الجزائري، الذي بدد مليارات الدولارات الأمريكية لما يقرب من خمسة عقود على قضية خاسرة.
ووفقا لتقارير استخباراتية، نُقل الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إلى مستشفى أوروبي لتلقي العلاج الطبي بعد اشتباكات، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الجزائري.
وعلق الحكام الجزائريون آمالا كبيرة على احتمال تغيير موقف ترامب الداعم للسيادة المغربية على صحرائها، لكن تبين خطأ توقعاتهم، مما دفع جميع أعضاء المجلس إلى توجيه أصابع الاتهام لبعضهم البعض.
ومنذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، بذل المجلس العسكري الجزائري جهودا مكثفة في واشنطن لإقناع إدارة ترامب بالتراجع عن قرارها بشأن الصحراء.
وفي عام 2020، انتقدت السلطات الجزائرية قرار ترامب بالاعتراف بمغربية الصحراء. والآن، قالوا: إن "السماء هي الحد" لتعاونهم مع الأميركيين الذين لم يقتنعوا بصفقاتهم المقترحة، مقابل تحول في التحالفات الجيو-ستراتيجية الإقليمية الأمريكية طويلة الأمد.
وذهبت الدعاية الجزائرية إلى أبعد من ذلك في تأطير الرأي العام وتضليله، مدعية أن الكونغرس الأمريكي صوت ضد تشريع يصنف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية، ومدعية أن ترامب قد يغير موقفه بحوافز تجارية.
واشتدت حرب التضليل الجزائرية المدبرة خلال الجولة الإقليمية التي قام بها مؤخرا مستشار الرئيس الأمريكي، مسعد بولس، إلى المغرب العربي (تونس وليبيا والجزائر).
لكن حكام الجزائر المضللين تلقوا صفعة من الرئيس ترامب: ففي رسالة رسمية وجهها إلى الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، أوضح الرئيس الأمريكي أن الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب الكاملة على كامل أراضيه الصحراوية، وتدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد والموثوق والواقعي كأساس وحيد لحل عادل ودائم للنزاع.
إنها ليست مجرد رسالة بروتوكولية، بل بيان سياسي قوي يؤكد أن الصحراء المغربية ليست موضع نقاش في أجندة إدارة ترامب، التي من المتوقع أن تفرج عن تمويل بقيمة 5 مليارات دولار لتنمية الصحراء المغربية، التي من المقرر أن تصبح مركزا اقتصاديا إقليميا رئيسيا، وفقا لموقع "أفريكا إنتليجنس" الإخباري.
بعد سنوات من التجميد، في ظل إدارة جو بايدن الديمقراطية، ستفرج إدارة ترامب عن التمويل وستشجع الشركات الأمريكية على الاستثمار في الصحراء.
من جانبه، تعهد السفير الأمريكي المعين لدى المغرب، دوك بوكان، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، بتسهيل التقدم نحو خطة الحكم الذاتي المغربي، باعتبارها الإطار الوحيد للتوصل إلى حل مقبول للطرفين.
كما تعهد بتعزيز الشراكة الاستراتيجية الأمريكية -المغربية في قطاعات الأمن، والاقتصاد، والتكنولوجيا، والنقل، والزراعة، والطاقة، واصفا المغرب بأنه ركيزة أساسية للاستقرار، وهو بلد بموقعه الاستراتيجي الذي يجعله بالغ الأهمية للأمن القومي الأمريكي.
وجدت الجزائر، التي تصر على أنها ليست طرفا في نزاع الصحراء، نفسها مجددا في موقفٍ محرج، بعدما باتت خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب للصحراء تحت سيادته، تكتسب زخما متزايدا، في حين فقد المشروع الانفصالي، المدعوم من الجزائر، بريقه في ظل النظام العالمي الجديد الآخذ في التبلور.
إن الاعتراف الأمريكي بالصحراء كإقليم مغربي ليس محض صدفة، بل قرار مدروس من الولايات المتحدة وخطوة محسوبة ضمن رؤية أمريكية أوسع لتعزيز الاستقرار في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.
وترى الولايات المتحدة في المغرب شريكا استراتيجيا موثوقا به في مكافحة الإرهاب، وتنمية التجارة الإقليمية، ومواجهة النفوذ المتزايد لروسيا والصين في إفريقيا.
لذلك، فإن الدعم الأمريكي لخطة الحكم الذاتي المغربية ليس مجرد دعم استراتيجي للمملكة المغربية، بل هو أيضا استثمار في الأمن والاستقرار الإقليميين.
المغرب، الذي يطور أقاليمه الجنوبية في إطار خطته الإقليمية المتقدمة، لا يتفاوض من موقف ضعف، ولا يفرض مشروعه على أحد. الرباط تقدم حلا واقعيا للتوصل إلى سلام دائم في المنطقة، بينما تواصل الجزائر عرقلة وتعطيل التسوية السلمية للصحراء، دون تقديم بديل مقبول أو خارطة طريق واضحة.
وتأتي رسالة ترامب في ظل دعم دولي متزايد للموقف المغربي، مما يضيق هامش المناورة أمام الجزائر، حيث تفرض خطة الحكم الذاتي المغربية نفسها على أنها الحل الوحيد القابل للتطبيق والتنفيذ، والذي يحظى بشرعية دولية متزايدة.
خلال جولته المغاربية الأخيرة، نقل مستشار ترامب الخاص رسالة الرئيس الأمريكي بعبارات قوية وواضحة إلى الجزائر، وحدد لها مهلة 90 يوما للامتثال وإلا ستواجه عواقب.
حان الوقت للطغمة العسكرية الجزائرية أن تدفع الثمن، ولقد طفح الكيل بعد أن ظلت تثير الفتن وتشيع الفوضى وتحرض على الانفصال وزعزعة الاستقرار في المنطقة لما يقرب من خمسة عقود.