التدفئة بالحطب خطر صامت يعادل دخان السجائر

مع حلول الشتاء واعتماد الكثير من الأسر في المناطق الباردة على مواقد الحطب للتدفئة، حذرت دراسة حديثة من أن هذه الوسيلة قد تخلّف آثارا خطيرة على صحة الرئة تشبه تماما ما يسببه التدخين.
فقد اعتمد الباحثون على بيانات الدراسة الطولية الإنجليزية للشيخوخة، التي تابعت آلاف الأشخاص على مدى ثمانية أعوام، حيث جرى قياس مؤشر FEV1، وهو حجم الهواء الذي يستطيع الفرد إخراجه بقوة في الثانية الأولى من التنفس. وأثبتت النتائج أن انخفاض هذا المؤشر يرتبط بخطر متزايد للإصابة بأمراض تنفسية، وبالعجز وحتى الوفاة المبكرة.
وتبين أن الأشخاص الذين يستخدمون مواقد الحطب يفقدون سعة الرئة بوتيرة أسرع من غيرهم، رغم أن الكثير منهم يتمتعون بصحة جيدة ويتبعون أسلوب حياة صحي.
الدكتورة لورا هورسفال، من جامعة كوليدج لندن والمشرفة على الدراسة، أوضحت أن الجسيمات الدقيقة المنبعثة من حرق الخشب تتسبب في التهابات لأنسجة الرئة مماثلة لتلك الناتجة عن دخان السجائر، مؤكدة أن حرق الأخشاب يطلق مواد سامة، بعضها مسرطن.
وأبرزت الدراسة أن الوقود الصلب المنزلي في بريطانيا، مثل الخشب والفحم، مسؤول عن إنتاج ما يقارب خمس الجسيمات الدقيقة PM2.5 الخطيرة، أي بمعدل يفوق خمسة أضعاف الانبعاثات الناتجة عن السيارات.
كما ارتفعت الانبعاثات الناتجة عن الحطب من 3200 طن سنة 2009 إلى حوالي 6000 طن في عام 2023.
ورغم أن دراسات سابقة في بلدان منخفضة الدخل أثبتت ارتباط دخان الحطب بأمراض مثل الربو، الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة، إلا أن هذه المرة الأولى التي يتم فيها توثيق نفس التأثير في بلد متقدم.
وفي هذا السياق، حذرت البروفيسورة آني جوهانسن، رئيسة مجموعة خبراء علم الأوبئة والبيئة في الجمعية الأوروبية للجهاز التنفسي، من أن الاعتماد المتزايد على مواقد الحطب بأوروبا يمثل خطرا بيئيا وصحيا، خاصة على المرضى الذين يعانون مشاكل تنفسية أو قصورا في وظائف الرئة.
وأشار الخبراء إلى أن الأطفال وكبار السن هم الأكثر عرضة للمضاعفات، نظرا لضعف أجهزة التنفس لديهم. وفي الولايات المتحدة، حذرت وكالة حماية البيئة من أن مواقد الحطب تصدر ملوثات تتجاوز بكثير النسب المعلنة. أما في بريطانيا، فقد ارتفعت حالات دخول المستشفى بسبب أزمات الربو واضطرابات التنفس خلال السنوات الأخيرة، وكان التلوث عاملا أساسيا.
وناشد مختصون في الصحة العامة بضرورة وضع خطط صارمة للحد من استخدام مواقد الحطب داخل المدن، مع الدعوة إلى الحظر التدريجي لعمليات الحرق غير الضروري مع حلول ثلاثينيات القرن الحالي، حمايةً لصحة المواطنين.
جدير بالذكر أن هذه النتائج عرضت في مؤتمر الجمعية الأوروبية للجهاز التنفسي المنعقد بالعاصمة الهولندية أمستردام.