البوتشيشية تحيي ليلة صوفية بباب المكينة في ثالث أيام مهرجان الثقافة الصوفية


 البوتشيشية تحيي ليلة صوفية بباب المكينة في ثالث أيام مهرجان الثقافة الصوفية صورة - أ.4.ب
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

          في أجواء ساحرة من السكون والصفاء، احتضن فضاء باب المكينة التاريخي بمدينة فاس ليلة صوفية مميزة ضمن فعاليات الدورة السابعة عشرة من مهرجان فاس للثقافة الصوفية، المنظم هذا العام تحت شعار "شعرية العيش: الفنون في أبعادها الروحية" .

أحيت الأمسية فرقة الطريقة القادرية البوتشيشية، أحد أبرز رموز التصوف المغربي، حيث قدمت عرضا يجمع بين الإنشاد الصوفي والذكر الجماعي، في تجربة فنية وروحية تجاوزت الطابع الاحتفالي لتلامس أعماق الحضور.

 

منذ اللحظات الأولى، غمر المكان إحساس جماعي بالتأمل والخشوع، انسابت الأذكار في تناغم مع إيقاعات السماع الصوفي، لتخلق حالة وجد عميقة، حيث تحولت الأنفاس إلى صمت، والحضور إلى قلوب منفتحة على السكينة.

أداء الطريقة البوتشيشية تميز بجودة فنية عالية وروحانية متدفقة، جعلت الجمهور يعيش لحظات صفاء نادرة، ينتقل فيها من مجرد التلقي إلى المشاركة الوجدانية.

 

لم تكن الأمسية مجرد عرض موسيقي، بل تجربة روحية حية تجسد فلسفة المهرجان في تقديم الفن كوسيلة للترقي الروحي، وكجسر للتواصل بين الإنسان والكون، بين الذات والخالق.

الطريقة القادرية البوتشيشية، بتقاليدها المتجذرة وموسيقاها الروحية العذبة، تجسد نموذجا حيا لهذا التصوف المنفتح، الذي يعبر عن القيم الكونية للتسامح والمحبة والسلام.

 

مهرجان فاس للثقافة الصوفية، الذي أضحى موعدا سنويا بارزا ، لا يكتفي بالاحتفاء بالتراث، بل يسعى إلى جعله منبرا لحوار الثقافات والأديان، من خلال الموسيقى واللقاءات الفكرية التي تستضيف فنانين، باحثين، وممارسين للتصوف من مختلف أنحاء العالم. بل هو مناسبة لإبراز التصوف كتراث إنساني مشترك، قادر على المساهمة في مواجهة التحديات المعاصرة من خلال قيم الجمال، التواصل، والعيش المشترك.

 

ومع استمرار فعاليات المهرجان على مدى عدة أيام، يبقى الجمهور على موعد مع المزيد من السهرات الروحية، الندوات الفكرية، واللقاءات التي تجمع بين الفن والمعنى، التراث والحداثة.

اترك تعليقاً