عادة ترسيم الدوائر الانتخابية بالولايات المتحدة حرب تستعر


عادة ترسيم الدوائر الانتخابية بالولايات المتحدة حرب تستعر صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

          تشكل إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية في الولايات المتحدة أكثر من مجرد إجراء إداري، حيث تعيد الولايات، عقب الإحصاء العام للسكان كل عشر سنوات، رسم حدود دوائرها الانتخابية، وهو إجراء يهدف، من الناحية النظرية، إلى تعديل التمثيل بما يتناسب مع التحولات الديمغرافية، لكنه في الواقع أصبح واحدا من أبرز ساحات التدافع السياسي بالبلاد.

فعلى بعد أقل من سنة على انتخابات التجديد النصفي المقرر إجراؤها في نونبر 2026، انخرط الديمقراطيون والجمهوريون في معركة شرسة لإعادة رسم الدوائر بما يخدم مصالحهم، باللجوء لما يعرف محليا باسم "التلاعب بالدوائر الانتخابية" أو "إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية لأغراض حزبية".

 

وتبرز أهمية هذه المواجهة بالنظر إلى أن انتخابات منتصف الولاية ستجدد مقاعد 435 نائبا في مجلس النواب، إضافة إلى ثلث مقاعد مجلس الشيوخ (100 عضو). وداخل كل ولاية من الولايات الخمسين، تتولى المجالس التشريعية المحلية رسم الخرائط الانتخابية التي تحدد من هم الناخبون الذين سيصوتون معا لاختيار ممثليهم.

 

وقد انطلقت شرارة هذه المواجهة الصيف الماضي من ولاية تكساس، حيث صادق برلمانها على خريطة انتخابية جديدة من شأنها أن تمنح الجمهوريين ما يصل إلى خمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب خلال انتخابات 2026.

واعتبر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ذلك بمثابة انتصار كبير لولاية تكساس، مضيفا على منصته "تروث سوشيال"، "إننا في طريقنا للظفر بخمسة مقاعد إضافية في الكونغرس، وحماية حقوقكم وحرياتكم وبلدكم".

 

وقد أثارت الخريطة الجديدة لتكساس ردود فعل غاضبة لدى الديمقراطيين وأطلقت مواجهة بين جميع ناخبي البلاد.

وفي مواجهة هذه الخطوة، لم يقف الديمقراطيون مكتوفي الأيدي، إذ قرروا الرد بالمثل بقيادة حاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، الذي يعد مرشحا محتملا لرئاسيات 2028، والذي أعلن أنه سيتبع استراتيجية "مواجهة النار بالنار".

 

وبعد اقتراحه خريطة انتخابية قد تتيح لحزبه خمسة مقاعد إضافية لتعويض خسائر تكساس، صادق برلمان كاليفورنيا على قرار يدعو إلى إجراء استفتاء في نونبر المقبل، يمنح، في حال الموافقة عليه، النواب سلطة إعادة ترسيم الدوائر بدلا من لجنة مستقلة تشرف على ذلك منذ سنة 2010.

وبالإضافة إلى تكساس وكاليفورنيا، تستعد ولاية ميزوري، ذات الأغلبية الجمهورية، لاعتماد خطوة مماثلة، فيما لا يستبعد الجمهوريون في كانساس اتباع الاستراتيجية ذاتها. ومن جانب الديمقراطيين، تسير ولايات مثل نيويورك وميريلاند على النهج ذاته، وإن لم تحسم موقفها بعد.

 

وقد رفعت جمعيات مدافعة عن حق التصويت دعاوى قضائية ضد الخريطة الجديدة لتكساس، معتبرة أنها تضعف الوزن الانتخابي للناخبين السود. غير أن القادة الجمهوريين نفوا أن تكون هذه الخرائط تمييزية على أساس عرقي، مشددين على أنها توفر مقاعد أكثر تمثيلا للأقليات مقارنة بالخرائط السابقة.

 

ومع مصادقة المحكمة العليا الأمريكية على مبدأ إعادة التقسيم الحزبي، لم يعد أمام المعارضين سوى محاولة الطعن أمام المحاكم بالاستناد إلى قانون حقوق التصويت الذي يفرض الحفاظ على وحدة المجتمعات الأقلية حتى يتسنى لها اختيار ممثليها.

اترك تعليقاً