شابانا محمود المرأة الحديدية الجديدة التي تهز المشهد البريطاني بإصلاحات هجرة غير مسبوقة
صورة - م.ع.ن
بعد خمسة وسبعين يوما فقط على تعيينها وزيرة للداخلية في المملكة المتحدة، تحولت شابانا محمود إلى أحد أكثر الأسماء حضورا في الأوساط السياسية والإعلامية البريطانية، بفضل أسلوبها الصارم في إدارة ملف الهجرة، الذي يعد من أعقد الملفات وأكثرها إثارة للانقسام في البلاد.
الوزيرة، ذات الملامح الجادة والمنحدرة من برمنغهام ومن أصول باكستانية، أثبتت سريعا أنها من طينة السياسيين الذين لا يخشون مقاربة الملفات الشائكة. هذه الصرامة دفعت كثيرين إلى تشبيهها بـ"المرأة الحديدية" مارغريت تاتشر، التي قادت إصلاحات جذرية أعادت تشكيل الاقتصاد البريطاني في الثمانينيات.
منذ دخولها وزارة الداخلية عقب تعديل وزاري أجراه رئيس الوزراء كير ستارمر، تحركت محمود على جميع الجبهات. وبالنسبة لها، فإن أزمة الهجرة لا تحتمل التردد، إذ تصفها بأنها "قضية تمزّق البلاد" وتتطلب حلا جذريا لا أنصاف إجراءات.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، ظهرت الوزيرة على عدة قنوات تلفزيونية بريطانية لتفسير مقاربتها "الأخلاقية" كما تصفها في مواجهة الهجرة غير النظامية، في وقت بلغ فيه عدد الوافدين أرقاما قياسية أثقلت كاهل الخدمات العامة وأشعلت الجدل السياسي في ظل اقتصاد يعاني من تباطؤ حاد.
واليوم، تتجه محمود إلى برلمان وستمنستر لعرض حزمة إصلاحات وصفت بأنها "الأجرأ" في تاريخ التعامل مع ملف الهجرة في بريطانيا. ويتوقع أن تثير هذه الخطط نقاشا واسعا داخل مجلس العموم وبين الرأي العام.
ورغم انتمائها إلى حزب العمال المعروف تاريخيا بدفاعه عن حقوق الإنسان، تبنت الوزيرة خطابا حازما غير مألوف داخل الحزب. فوجهت رسائل مباشرة إلى الجناح المعتدل قائلة:
"هذه هي الفرصة الأخيرة لسياسة لائقة وإذا فشلت، فسيأتي ما هو أسوأ."
وفي حديثها عن تدفق المهاجرين الذين ينتظرون على السواحل الفرنسية هدوء البحر للعبور في قوارب بدائية، أكدت محمود: "الأزمة على حدودنا خرجت عن السيطرة".
هذا التحول داخل حزب العمال يأتي في وقت تشير فيه استطلاعات الرأي إلى تراجع شعبيته لصالح حزب "إصلاح المملكة المتحدة" بقيادة نايجل فاراج، وهو ما يزيد الضغط على حكومة ستارمر لإظهار حزم أكبر في مواجهة الهجرة.
وتشمل خطط محمود التي ستعرضها أمام البرلمان إجراءات تشكل تغييرا جذرياًفي سياسة الهجرة البريطانية، أهمها:
إلزام الحاصلين على اللجوء بالانتظار 20 سنة قبل التقدم للإقامة الدائمة.
مراجعة دورية لوضع اللاجئين وترحيل من تعتبر بلدانهم الأصلية "آمنة".
إلغاء الحق التلقائي لطالبي اللجوء في السكن والمساعدات الحكومية.
ووفق وزارة الداخلية، بلغ عدد طلبات اللجوء خلال السنة المنتهية في مارس الماضي 109,343 طلبا بزيادة 17٪، في حين وصل 1069 مهاجرا إلى السواحل البريطانية خلال أسبوع واحد فقط، ما يعكس حجم الأزمة.
المعارضة المحافظة وصفت حصيلة حكومة ستارمر بـ"الفشل"، مشيرة إلى أن 5٪ فقط من المهاجرين غير النظاميين الذين دخلوا البلاد منذ 2024 جرى ترحيلهم بالفعل.
ورغم التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه الحكومة، يعتبر كثير من المحللين أن محمود أصبحت "نقطة ارتكاز" داخل الفريق الحكومي، وربما اسما صاعدا نحو مناصب أكبر، بفضل حزمها وقدرتها على مخاطبة الرأي العام بلغة مباشرة ومقنعة.
وبرغم أنها لا تزال في الخامسة والأربعين، تمتلك الوزيرة مسيرة سياسية غنية منذ انتخابها نائبا عن حزب العمال عام 2010. وقد شغلت عدة مناصب بارزة في حكومة الظل، بينها وزارة السجون، والأمانة المالية للخزانة، ووزارة العدل، والخزانة.