الانتخابات الهولندية صعود فيلدرز بين موجة الشعبوية وحدود النظام البرلماني


الانتخابات الهولندية صعود فيلدرز بين موجة الشعبوية وحدود النظام البرلماني صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

        يعيش المشهد السياسي في هولندا لحظة حاسمة مع اقتراب الانتخابات التشريعية المبكرة، في ظل صعود زعيم اليمين المتطرف خيرت فيلدرز وحزبه من أجل الحرية (PVV)، الذي يتصدر استطلاعات الرأي، لكنه يواجه طريقا مسدودا نحو رئاسة الوزراء بسبب نظام سياسي توافقي يرفض التعاون معه.

 

يلقب فيلدرز بـ"ترامب الهولندي" بسبب خطابه القومي المعادي للهجرة والإسلام، وهو خطاب أكسبه قاعدة جماهيرية ناقمة على الأحزاب التقليدية، لكنه جعله في الوقت نفسه شخصية مثيرة للانقسام داخل ساحة سياسية تتوزع بين يمين معتدل ويسار بيئي اجتماعي.

وتشير التوقعات إلى أن حزبه قد يحصل على نحو 30 مقعدا في البرلمان المؤلف من 150 عضوا، ليصبح القوة الأولى، من دون أن يضمن ذلك تشكيل الحكومة بسبب رفض معظم الأحزاب التحالف معه.

 

تأتي هذه الانتخابات في مناخ سياسي مشحون، حيث يخشى قادة الأحزاب من فقدان شرعيتهم الديمقراطية إذا تعاونوا مع فيلدرز. ويعزز هذا الحذر تاريخه في زعزعة استقرار الحكومات، بعدما تسبب الصيف الماضي بانهيار الائتلاف الحاكم بانسحابه من مفاوضات حول تشديد قوانين اللجوء.

 

ويستند النظام الانتخابي الهولندي إلى التمثيل النسبي الكامل، ما يجعل من المستحيل تقريبًا لأي حزب أن ينال الأغلبية المطلقة. لذا، تظل الحكومات الائتلافية القاعدة، بينما تحتاج أي حكومة إلى ثقة البرلمان، وهو ما يصعب على فيلدرز تحقيقه في ظل عزلة سياسية شبه تامة.

 

رهان فيلدرز الأساسي يبقى على ورقة الهجرة، إذ يسعى لاستثمار الاحتجاجات المتزايدة ضد مراكز اللاجئين وتصاعد القلق من فقدان الهوية الوطنية، خاصة في المناطق الفقيرة. ومع أن خطابه يجد صدى لدى شريحة من الناخبين، فإنه يثير انقساما عميقا في مجتمع يفاخر بتعدديته وانفتاحه.

 

ويعكس صعود فيلدرز موجة أوروبية متنامية من اليمين الشعبوي تمتد من فرنسا إلى ألمانيا وتشيكيا، مدفوعة بمخاوف اقتصادية وثقافية من الهجرة والعولمة. لكن النظام البرلماني الهولندي، المصمم على مبدأ التوافق وتوازن القوى، ما زال يشكل سدا أمام أي محاولة لتحويل هذا الغضب الشعبي إلى سلطة منفردة.

 

مهما كانت نتيجة الانتخابات، فإنها تمثل اختبارا جديدا لمدى قدرة الديمقراطية الأوروبية على الصمود أمام المد الشعبوي، ولما إذا كانت هولندا ستبقى نموذجا للتعددية السياسية… أم تدخل مرحلة ترامبيةعلى الطراز الهولندي.

اترك تعليقاً