من الرباط مسؤولون أفارقة يؤكدون على مكافحة التفاوتات لأجل تنمية القارة

أكدت الممثلة السامية لرئيس جمهورية السنغال ورئيسة الوزراء السابقة، أميناتا توري، يوم أمس الثلاثاء بالرباط، على ضرورة وضع مكافحة التفاوتات في صلب أي إستراتيجية للنمو في إفريقيا.
واعتبرت السيدة توري، في كلمته خلال "مؤتمر النمو العالمي" 2025، الذي ينظمه "معهد أماديوس" تحت شعار "تمويل النمو، وتشكيل الانتقال الطاقي"، أن النمو الذي لا يخلق فرص شغل غير مفيد، بل ويشكل خطرا على المدى القريب.
وذكرت بأن 70 في المائة من سكان القارة الإفريقية لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة، محذرة من خطر بروز "كتلة مهمة من الشباب، المتعلمين في الغالب، الذين يتطلعون إلى الاستهلاك، لكنهم مستبعدون من سوق الشغل".
وفي السياق ذاته، دافعت السيدة توري عن تمكين النساء، باعتباره "ضرورة اقتصادية" وليس مجرد مسألة حقوق، مشيرة إلى أنه "في عالم تتسم فيه المنافسة بين الأمم بالشراسة، من غير المقبول السعي إلى التنافسية مع تهميش نصف الموارد البشرية".
ودعت إلى تحقيق العدالة الإثنية، معتبرة أنه "من الأساسي أن تستفيد جميع المجموعات الثقافية والإثنية بشكل منصف من ثمار النمو".
كما دعت إلى إدماج القطاع غير المهيكل، الذي يمثل ما يقارب 80 في المائة من بعض الاقتصادات الإفريقية، موصية، في هذا الصدد، بتسريع وتيرة التصنيع.
من جهة أخرى، شددت السيدة توري على ضرورة تحديث الفلاحة، مع مراعاة الخصوصيات الديموغرافية للقارة، مشيرة إلى أهمية الإدماج المتأني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة بما لا يفاقم إشكالية البطالة.
من جهته، دعا نائب وزير المالية المصري المكلف بالسياسات الضريبية، ياسر صبحي، إلى بذل "مجهودات داخلية إضافية" لتعزيز الاقتصادات الإفريقية في مواجهة الصدمات الخارجية.
وسجل أن "هذه الظرفية تشكل فرصة مثالية لتعزيز الاندماج والتعاون بين الاقتصادات الإفريقية والصاعدة"، مشددا على أهمية منح ثقة أكبر للقطاع الخاص في الاستثمار والتجارة البينية الإفريقية.
وذكر بالاستثمار المكثف الذي أنجزته مصر في البنيات التحتية، خلال السنوات الأخيرة، توازيا مع تنفيذ إصلاحات هيكلية، مشيرا إلى أن هذه الإصلاحات تهدف إلى "إقامة شراكة حقيقية مع القطاع الخاص"، لاسيما من خلال إجراءات تسهيلية ضريبية وتبسيط المساطر الجمركية.
من جانبه، سلط وزير الشؤون الخارجية لجمهورية الكونغو الديمقراطية، مامادو تانغارا، الضوء على إلزامية تعزيز السيادة الاقتصادية الإفريقية، داعيا إلى تحقيق نمو مندمج يرتكز على تثمين الشباب والنساء والمقاولات الصغرى والمتوسطة، بعدما أشار إلى ضرورة إدماج هذه الرافعات في أي استراتيجية للتنمية المستدامة للقارة.
وأوضح السيد تانغارا أن جمهورية الكونغو الديمقراطية، رغم تحقيقها لنمو مطرد، لا تزال تواجه تحديات بنيوية كبرى، لا سيما استمرار الفقر، وثقل القطاع غير المهيكل، ونقص البنيات التحتية الأساسية، مضيفا أن بلاده انخرطت في مشاريع إقليمية كبرى، وفي تعاون معزز مع الدول المجاورة، مستلهمة التجربة المغربية في تحديث وإصلاح المقاولات العمومية.
وسجل أن الاستقرار الإقليمي يشكل شرطا أساسيا لضمان مستقبل يسوده ازدهار مشترك.
ويجمع "المؤتمر العالمي للنمو" 2025، المنظم بمبادرة من معهد "أماديوس"، أكثر من 600 مشارك من أزيد من 50 دولة، من بينهم وزراء ومسؤولون حكوميون رفيعو المستوى، ورؤساء مؤسسات مالية دولية وإقليمية، وممثلو القطاع الخاص، ومستثمرون مؤسساتيون، إلى جانب خبراء مرموقين.
وستتوج أشغال المؤتمر بإعداد وتقديم خارطة طريق الرباط حول تمويل النمو والانتقال الطاقي، وهي وثيقة مرجعية تتضمن توصيات عملية، قابلة للتفعيل مباشرة من قبل الأطراف الوطنية والدولية المعنية.