رجال الأعمال في فرنسا يفتحون قنوات مع التجمع الوطني مع اقتراب 2027


رجال الأعمال في فرنسا يفتحون قنوات مع التجمع الوطني مع اقتراب 2027 صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

          تشهد الساحة السياسية الفرنسية تحولا لافتا مع اقتراب انتخابات 2027، حيث تكثف النخبة الاقتصادية في البلاد جهودها لبناء جسور مع حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، الذي تشير أغلب استطلاعات الرأي إلى تقدمه واحتمال وصوله إلى قصر الإليزيه.

 

وللمرة الأولى منذ عقود، تتجه كبريات الشركات الفرنسية إلى فتح قنوات تواصل مباشرة مع زعيمة الحزب مارين لوبان ورئيسه الشاب جوردان بارديلا، بعدما كان الحزب ينظر إليه طويلا باعتباره قوة سياسية شعبوية تفتقر إلى رؤية اقتصادية ناضجة. اليوم، يبدو أن عالم الأعمال يحاول التأثير في توجهاته قبل فوات الأوان.

 

يمثل هذا التقارب تحولا جذريا في موقف رجال الأعمال الذين لطالما تعاملوا بحذر مع الحزب. لكن الأداء الانتخابي القوي للتجمع الوطني وتقدّمه المتواصل في استطلاعات الرأي دفعهم إلى الاعتقاد بأن التعامل معه أصبح ضرورة، لا خيارا.

 

وبحسب مستشار حكومي سابق نقلت عنه مجلة "بوليتيكو"، فإن ما يجري يعكس «تغيرا حقيقيا في موازين القوى السياسية»، حيث لم يعد التجمع الوطني حزبا هامشيا، بل قوة مؤثرة تسعى الشركات اليوم إلى فهم رؤيتها ومحاولة تعديل مواقفها الاقتصادية.

 

يرى عدد من رجال الأعمال أن بارديلا هو الوجه الأكثر قبولا اقتصاديا، وقد يكون المرشح الأوفر حظا إذا منعت لوبان من الترشح بسبب القضية القضائية التي تواجهها. ورغم أنه أثار دهشة بعض الأوساط الاقتصادية بطرحه فكرة مفاوضات مع البنك المركزي الأوروبي لشراء الديون الفرنسية، إلا أن كثيرين يعتبرونه منفتحا على الحوار والاستماع لاعتبارات السوق.

 

غير أن مواقف الحزب داخل البرلمان لا تزال تثير القلق، خصوصاً بعد دعمه زيادات ضريبية ضخمة، وتصويته لصالح خفض سن التقاعد، إضافة إلى امتناع نوابه عن التصويت بما سهل تمرير مشروع قانون يساري لتأميم "أرسيلور ميتال".

وأكد أحد الرؤساء التنفيذيين: "التجمع الوطني يفتقر للاتساق أما نحن فنحتاج إلى استقرار حقيقي".

 

الخلافات الاقتصادية داخل الحزب تعكس في الجوهر اختلافا بين خطين:

 

لوبان: مدافعة شرسة عن الحمائية ومعادية للهجرة.

بارديلا: وجه أكثر شبابا وأناقة، يتبنى خطابا ليبراليا ظاهريا لكنه يتبنى المواقف نفسها بشأن الهجرة.

 

ووفقا لخبير استطلاعات الرأي في "إبسوس"، ماثيو غالارد: "التجمع الوطني يحاول التوفيق بين رؤيتين متناقضتين، ما يجعل توجهه الاقتصادي ضبابيا.

 

و يتوقع بعض قادة الأعمال أن يتجه الحزب نحو البراغماتية إذا وصل إلى الحكم، مستشهدين بتجربة جيورجيا ميلوني في إيطاليا أو أليكسيس تسيبراس في اليونان، اللذين خففا من مواقفهما الراديكالية فور تحمّل مسؤولية السلطة.

ويستدلون أيضا بتراجع التجمع الوطني عام 2017 عن فكرة الخروج من اليورو بعد هزيمته الانتخابية.

 

تقع معظم اللقاءات بين قادة الأعمال والحزب في مناسبات مغلقة، مثل معرض باريس الجوي، ومؤتمر "ميديف" في رولان غاروس، واجتماعات مع جمعية "إيثيك" لريادة الأعمال.

ويؤكد مسؤولون شاركوا في هذه الاجتماعات أن ممثلي التجمع الوطني يحرصون دائما على طمأنة المستثمرين بأنهم سيتصرفون بـ"عقلانية اقتصادية" إذا وصلوا إلى الحكومة.

 

مع ذلك، يحذر الخبير السياسي آلان مينك رجال الأعمال من الاعتقاد بأن بإمكانهم التأثير بسهولة في توجهات الحزب إذا فاز بالسلطة، قائلا:

"من يحصل على 15 مليون صوت يشعر بقوة تجعله أقل قابلية للتأثر بضغط اللوبيات".

 

اترك تعليقاً