دبلوماسية الجزائر في حالة من الفوضى مع نضوب المال والأيديولوجيا


دبلوماسية الجزائر في حالة من الفوضى مع نضوب المال والأيديولوجيا صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

مع اقتراب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من إقرار خطة الحكم الذاتي المغربي للصحراء، أطلق النظام الجزائري عملية للسيطرة على أضرار انهيار دعمه المتواصل لجبهة البوليساريو منذ عقود.بالنسبة لدولة كانت تتمتع بنفوذ دبلوماسي كبير في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، في ذروة الحرب الباردة، فإن العزلة الحالية تثير الدهشة.بنيت السياسة الخارجية للجزائر على ركيزتين: المال والأيديولوجيا. وقد انهارت كلاهما.في أوج ازدهار ثروات النفط والغاز، كان المبعوثون الجزائريون يجوبون العواصم الأفريقية حاملين حقائب مليئة بالنقود، لشراء توقيعاتٍ للاعتراف بالجمهورية الوهمية. نجحت هذه الدبلوماسية التبادلية في عصر تدفقت فيه عائدات النفط بحرية وكانت معايير الحكم متراخية، لكن اليوم، تعتبر هذه الأساليب فاضحة على أقل تقدير.لن يقايض أي زعيم أوروبي شرعيته بحقيبة أوراق نقدية. إن عجز الجزائر عن التكيف مع نظام دولي قائم على القواعد جعلها متمسكة بأساليب تنتمي إلى حقبة بائدة.كانت الجزائر تسوّق نفسها في السابق كمنارة ثورية، تناصر النضالات ضد الاستعمار والتضامن الاشتراكي. لكن هذا السرد تبخر. فالبلاد الآن تحكمها نخبة عريقة، مدعومة بتحالف عسكري-تجاري يحتكر عائدات النفط والغاز، بينما يقدم الفتات لشعب مضطرب.تحولت "التقدمية" الموعودة إلى قمع: سجن المعارضين، وفرار الشباب على متن قوارب بدائية، وقيادة تخطئ في اعتبار الركود استقرارا.في غضون ذلك، اختفى المعسكر الأيديولوجي الذي تدعي الجزائر انتمائها إليه. تبنت روسيا والصين الرأسمالية البراغماتية، بينما أصبح المعسكر الاشتراكي مجرد إرث يسكنه منبوذون مثل كوريا الشمالية وإريتريا.تكتسب خطة الحكم الذاتي التي يتبناها المغرب زخما لأنها توفر الواقعية والاستقرار في منطقة تتوق إليهما. من غانا إلى بلجيكا، تؤيد الدول نهج الرباط، مدركة أن الجمود الذي لا نهاية له لا يخدم أحدا. حتى موسكو، الحليف التقليدي للجزائر، تعيد تقييم موقفها. في هذا المشهد المتغير، تبدو الجزائر عالقة، لا تملك إلا خطابا باليا وموارد مستنفدة.وُلِد صراع الصحراء من الغطرسة والعداء، دبره قادة سعوا إلى تفتيت صلة المغرب الطبيعية بأفريقيا. اليوم، أصبح هذا المشروع في حالة خراب. لا يمكن لسياسة الجزائر الخارجية القائمة على البترودولارات ومواقفها الأيديولوجية أن تصمد في عالم تحكمه البراغماتية.السؤال الآن هو: هل ستتمسك الجزائر بأوهامها أم ستواجه الواقع بينما يعِد مجلس الأمن الدولي تصويتا في وقت لاحق من هذا الشهر يجعل الحكم الذاتي الأساس الوحيد للمفاوضات؟بدلا من تحمل مسؤوليتها، تختبئ الجزائر مجددا خلف ستار البوليساريو الرقيق.

اترك تعليقاً