دار الطالبة والطالب بجهة البيضشاء ودورها في الرفع من تمدرس الفئات الهشة

تواصل شبكة دور الطالب والطالبة، خلال السنوات الأخيرة، توسعها بفضل الجهود المبذولة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي جعلت من محاربة ظاهرة الهدر المدرسي أولوية قصوى على المستوى الوطني.
ويندرج هذا الورش، الذي حقق مكتسبات هامة على مختلف المستويات، وخاصة في المجال الاجتماعي، في إطار سياسة وطنية شاملة تعكس الاهتمام الكبير الذي توليه الأطراف المعنية، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لبناء دولة اجتماعية قوية وشاملة، تحرص على عدم إقصاء أي مواطن من مسار التنمية.
ومن بين هذه الفئات المستهدفة التي شملتها برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الفتيات المنحدرات والفتيان المنحدرين من أوساط هشة بالعالم القروي، الذين يستفيدون من خدمات مؤسسات الرعاية الاجتماعية، من أجل تمكينهم من متابعة دراستهم في ظروف جيدة، وبالتالي فتح آفاق مستقبلية واعدة أمامهم.
وفي هذا الإطار، تم إحداث 76 دار الطالب (ة) على مستوى جهة الدار البيضاء - سطات في إطار البرنامج الرابع للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، المخصص لتنمية الرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، تهم إنشاء 18 دار الطالب (ة)، وتهيئة 15 منها، وتجهيز 43 أخرى.
وتكرس هذه المؤسسات الاجتماعية جهودها لتقديم خدمات ذات جودة، تضمن توفير بيئة تعليمية واجتماعية متكاملة للمستفيدين، بما في ذلك التربية والتكوين والتأطير الاجتماعي والمواكبة النفسية.
والمثال من إقليم الجديدة، الذي يتوفر على شبكة مهمة من مؤسسات الرعاية الاجتماعية، منها 26 من دور الطالب والطالبة، موزعة على مختلف الجماعات الترابية بالإقليم، والتي يستفيد منها 1759 تلميذا، منهم 1359 فتاة.
وتعتبر دار الطالبة مولاي عبد الله، التي تبلغ طاقتها الاستيعابية 280 فتاة، نموذجا من أنجح نماذج مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالإقليم من حيث المرافق التي توفرها هذه البنية التحتية وجودة التسيير والخدمات المقدمة.
وفي هذا السياق، أبرزت التلميذة سلمى أهلان، إحدى نزيلات دار الطالبة مولاي عبد الله بالجديدة، أنها عانت على مدى ثلاثة أشهر قبل الالتحاق بدار الطالبة، إذ كانت تتأخر في الالتحاق بمؤسستها التعليمية، وتعود كل يوم متعبة وغير قادرة على مواكبة دراستها.
وأكدت في تصريح للصحافة، أنه بعد التحاقها بدار الطالبة، حيث وجدت الظروف الملائمة لقربها من مؤسستها التعليمية، إضافة إلى استفادتها من التتبع الدراسي والتأطير التربوي والدعم والمواكبة النفسية، أصبح بإمكانها التركيز على تحصيلها الدراسي بشكل أفضل.
وهذا ما أكدته، أيضا، التلميذة خديجة الخزيري، التي قضت ثلاث سنوات بدار الطالبة مولاي عبد الله، حيث تستفيد من ظروف إيواء وتأطير جيدة للغاية، والتي ليس باستطاعة عائلتها توفيرها، مشيرة إلى أن دار الطالبة كانت السبب الرئيسي في عدم انقطاعها عن الدراسة.
من جهتها، قالت حسناء المريضي والدة إحدى المستفيدات، إن دار الطالبة تعد نافذة أمل لابنتها وعدد من الفتيات اللاتي ينحدرن من الجماعات القروية البعيدة، من أجل مواصلة دراستهن والبحث عن آفاق مستقبلية واعدة.
وأكدت أن هذه المؤسسة الاجتماعية ساهمت بشكل كبير في تخفيف الأعباء والتكاليف التي كانت تثقل كاهل الأسر، وتشجيع العديد من الآباء والأمهات على السماح لبناتهن بمواصلة دراستهن.
من جانبه، أبرز خليل أهل بن الطالب، مسؤول بقسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم الجديدة، أن اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ساهمت في تجهيز وترميم وإعادة تهيئة مجموعة من دور الرعاية الاجتماعية، من أجل تيسير عملية الولوج إلى المؤسسات التعليمية والحد من ظاهرة الهدر المدرسي بالنسبة لتلاميذ وتلميذات العالم القروي وتخفيف العبء عن الآباء والأمهات.
وأضاف السيد بن الطالب، أن اللجنة ساهمت، على مدى 20 سنة، في تحسين جودة الخدمات في 26 من دور الطالب والطالبة بالإقليم، مشيرا إلى أن التكلفة الإجمالية تجاوزت 92 مليون درهم، ساهمت المبادرة فيها بأكثر من 72 مليون درهم، أي ما يمثل حوالي 80 في المئة من التكلفة الإجمالية.
من جهته، أبرز حمان حطبي مدير التعاون الوطني بإقليم الجديدة، الدور المهم الذي تضطلع به هذه الدور بالإقليم، مؤكدا أن هذه المؤسسات الاجتماعية توفر لفئة عريضة من الأسر المعوزة فرصة ولوج أطفالها للخدمات الأساسية التي تمكنهم من متابعة دراستهم بمختلف الأسلاك التعليمية، في ظروف جيدة.
وأضاف أن هذه المؤسسات الاجتماعية تساهم في تشجيع، على الخصوص، تمدرس الفتاة القروية والحد من ظاهرة الهدر المدرسي وتيسير التحصيل الدراسي من خلال تقديم خدمات الإيواء والإطعام والتأطير والتكوين بتنسيق مع مختلف المؤسسات التعليمية.
من جهة أخرى، أشاد بالدينامية الكبيرة التي يعرفها الإقليم في هذا السياق، بفضل الالتزام والانخراط الجاد لمختلف الفاعلين وعلى رأسهم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مما مكن من المرور من 5 دور للطالب والطالبة بالإقليم إلى 26 مؤسسة حاليا.
وأكد أن هذه الدينامية ما تزال متواصلة، في ظل الطلب المتزايد، حيث تم بداية السنة الجارية افتتاح دار الطالبة بسيدي إسماعيل، مضيفا أنه يتم الآن العمل مع مختلف الشركاء من أجل إحداث 6 مؤسسات أخرى بكل من جماعة الحوزية والشعيبات والمهارزة الساحل، كما يتم العمل على توسيع دار الطالبة بأولاد غانم ومكرس.
ومما لا شك فيه، فإن دور الطالب والطالبة، تعد تجسيدا حقيقيا لروح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تندرج في إطار رؤية ملكية شاملة ومتكاملة، تضع الأجيال الصاعدة، خاصة المنحدرين من أوساط هشة، ضمن الأولويات الاستراتيجية لمختلف المبادرات والأوراش الكبرى، وجزءا لا يتجزأ من المسار التنموي للمملكة.