توتر متصاعد على الحدود الإيفوارية البوركينابية غارات متكررة واتهامات متبادلة تهدد الاستقرار الإقليمي
صورة - م.ع.ن
تشهد المنطقة الحدودية بين كوت ديفوار وبوركينا فاسو في الأسابيع الأخيرة تصاعدا ملحوظا في التوترات الأمنية، إثر غارات متكررة نفذها متطوعو الدفاع عن الوطن (VDP)، وهي القوات المساندة للجيش البوركينابي، في مناطق متاخمة للحدود الإيفوارية.
ووفقًا لتقارير إعلامية، أبرزها لمجلة جون أفريك، فإن آخر حادث وقع في 29 أكتوبر 2025 ببلدة هاندا التابعة لمقاطعة تهيني، حين توغلت وحدة من الجيش البوركينابي برفقة عناصر من VDP داخل الأراضي الإيفوارية "عن طريق الخطأ"، في ظل غياب ترسيم دقيق للحدود بين البلدين.
وتدخلت قوات المشاة الإيفوارية (FACI) بسرعة، ما أجبر القوات المتوغلة على الانسحاب دون مواجهات مباشرة.
غير أن هذا الحادث ليس معزولا، فقد سجلت توغلات مماثلة قرب مدينتي كييلو كورينكو وكوداغنينين، تزامنا مع إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في بوركينا فاسو في 27 أكتوبر.
وتشير المعطيات إلى أن عشرات المسلحين على دراجات نارية حاولوا التسلل نحو هاندا، قبل أن تتصدى لهم القوات الإيفوارية بإطلاق النار وتجبرهم على التراجع.
تتركز معظم الحوادث في مقاطعة تهيني، التي تعد من أكثر المناطق هشاشة أمنيا بسبب نشاط الجريمة العابرة للحدود، من تهريب المنتجات النفطية إلى التعدين غير القانوني.
كما اكتسبت المنطقة أهمية جديدة بعد إعلان شركة "ريزولوت ماينينغ" الأسترالية اكتشاف منجم ذهب ضخم يقدر احتياطيه بأكثر من 100 طن، تمهيدا لبدء التنقيب التجاري عام 2026.
وفي الوقت ذاته، تتزايد المخاطر الإنسانية، إذ شهدت المنطقة في 24 غشت الماضي عملية اختطاف ستة موظفين من مديرية مساعدة اللاجئين وعديمي الجنسية (DAARA) أثناء قيامهم بتسجيل اللاجئين الفارين من بوركينا فاسو، قبل أن يتم نقلهم إلى واغادوغو من قبل عناصر VDP بدعوى الاشتباه في كونهم جواسيس.
كما أفادت مصادر محلية بأن عناصر VDP احتلوا قريتين حدوديتين، موسوكانتو وكلموندجان، منذ فبراير الماضي، بدعم من بعض السكان المحليين، فيما جرى تدريب شبان القرى على استخدام الأسلحة.
ورغم ذلك، تؤكد السلطات الإيفوارية أن العدو الحقيقي هو الإرهاب لا الجار البوركينابي، مشددة على التزامها بحماية الحدود دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة. وقد تمكنت القوات الإيفوارية، مؤخرا، من صدّ محاولة اقتحام جديدة لقرية مورو مورو الواقعة على بعد أربعة كيلومترات فقط من الحدود.
في محاولة لاحتواء الأزمة، أُعيد تفعيل اللجنة المشتركة لترسيم الحدود بين كوت ديفوار وبوركينا فاسو منذ اجتماع نيانغولوكو في أبريل 2024، الذي جمع بين الوزير الإيفواري تيني بيراهيما واتارا ونظيره البوركينابي كاسوم كوليبالي، وتم على إثره إرسال وفد مشترك إلى فرنسا للاطلاع على الأرشيفات الاستعمارية المتعلقة بخط الحدود.
لكن رغم هذا الجهد، ازدادت العلاقات الثنائية توتراً منذ وصول إبراهيم تراوري إلى السلطة في بوركينا فاسو. فقد اتهم تراوري كوت ديفوار بمحاولات لزعزعة استقرار بلاده، وهي اتهامات نفاها وزير الدفاع الإيفواري بشدة، مؤكداً أن بلاده "لا تتدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها".
وفي سبتمبر الماضي، عاد تراوري ليؤكد أن "كوت ديفوار أصبحت قاعدة خلفية لأعداء بوركينا فاسو"، ما أثار قلق الأوساط الدبلوماسية الإقليمية.
وحذر دبلوماسي إيفواري رفيع من أن استمرار هذه التوترات، في غياب قنوات حوار فعالة، قد يقود إلى "مواجهة مسلحة غير مرغوب فيها" ما لم يتم استئناف المفاوضات الثنائية بشكل عاجل وعودة واغادوغو إلى طاولة الحوار المشترك.