تثمين زيت الأركان في القطاع التعاوني بتارودانت

يشكل القطاع التعاوني
بإقليم تارودانت دعامة أساسية في جهود تثمين زيت الأركان، باعتباره منتوجا مجاليا
ذا قيمة اقتصادية وثقافية وبيئية عالية، أسهم بشكل ملموس في تحسين دخل النساء
القرويات وتعزيز دينامية التنمية المحلية المستدامة.
فبفضل سياسة تشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، خاصة من خلال برامج المبادرة
الوطنية للتنمية البشرية ومخططات التنمية الفلاحية، شهد الإقليم توسعا ملحوظا في
عدد التعاونيات النشيطة في قطاع الأركان، أغلبها نسائية، تعمل على استخراج الزيت
بطرق تقليدية وعصرية، مع احترام معايير الجودة والتسويق.
وفي هذا الإطار، تندرج التعاونية النسوية "تيزنكاضين" بجماعة أولوز،
التي اختارت مجال إنتاج وتسويق زيت الأركان ومشتقاته، بهدف تثمين المنتوج المحلي،
وتنمية وضعية المرأة القروية، والمساهمة في الحفاظ على شجرة الأركان المصنفة
كموروث طبيعي عالمي.
وانطلقت سنة 2021 بما مجموعه تسع نساء، هادفة إلى استثمار ثمار شجرة الأركان
وتحويلها إلى منتجات قابلة للتسويق، من خلال اعتماد معايير جودة دقيقة، وتقنيات
استخلاص حديثة تحافظ على الخصائص الطبيعية للمنتج.
وأوضحت رئيسة هذه التعاونية ، فاطمة أوبلعيد، أن المشروع أسهم في تحسين الظروف
المعيشية للنساء المستفيدات، مضيفة أن التعاونية تعمل على تكوين العضوات في مجالات
الإنتاج، والتسويق، والتعليب.
ومن جانبه، أشار عمر الملولي،
الباحث في علوم النباتات بجامعة ابن طفيل، إلى أن شجرة الأركان، التي يتم الاحتفاء
بها في 10 ماي من كل سنة، ضمن اليوم العالمي لشجرة الأركان الذي أقرته الجمعية
العامة للأمم المتحدة سنة 2021، تمر بمراحل نمو بطيئة نسبيا، تبدأ من الإنبات
وتستغرق ما بين 5 إلى 8 سنوات قبل أن تبدأ في الإثمار، فيما تبلغ نضجها الكامل بعد
حوالي 25 إلى 30 سنة.
وتجسد تجربة تعاونية "تيزنكاضين" الدينامية المتزايدة التي تعرفها
المبادرات النسائية القروية في المغرب، والتي تعد رافعة حقيقية لتحقيق التنمية
المستدامة، من خلال تمكين النساء اقتصاديا، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتثمين
المنتجات المحلية، مما يسهم في بناء اقتصاد اجتماعي وتضامني أكثر شمولا وعدالة.
ولضمان استدامة هذه الدينامية، تعمل مؤسسات عمومية وشركاء التنمية على تعزيز قدرات
الفاعلين المحليين في سلسلة الأركان، من خلال التكوين، والدعم اللوجستي، وتسهيل
الولوج إلى التمويل، إلى جانب المحافظة على المجال الغابوي، المعترف به من قبل
منظمة اليونسكو كمحمية طبيعية للإنسان والمحيط الحيوي.
كما يمثل قطاع الأركان، الذي أصبح محورا ضمن استراتيجية "الجيل الأخضر"،
نموذجا ناجحا للاقتصاد الاجتماعي القائم على تثمين الموارد المحلية