المغرب يناهض الميز العنصري ويكرس قيم المساواة


المغرب يناهض الميز العنصري ويكرس قيم المساواة
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      نظمت اليوم الأربعاء بالعاصمة السويسرية جنيف الدورة ال 111 للجنة القضاء على التمييز العنصري، بمناسبة فحص التقرير الجامع للتقارير الدورية 19 و20 و21، بشأن إعمال الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، بمشاركة وفد مغربي متعدد المؤسسات، يرأسه وزير العدل "عبد اللطيف وهبي"، وبحضور السفير الممثل الدائم للمغرب بجنيف "عمر زنيبر"، و"عبد الكريم بوجرادي" الكاتب العام للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، وذلك لتسليط الضوء على الجهود والسياسات متعددة القطاعات التي تنهجها المملكة في سعيها لمناهضة مختلف أشكال التمييز العنصري، لاسيما في قطاعات حيوية من قبيل: القضاء والأمن الوطني والتعليم والهجرة والإعلام.

وفي هذا الصدد، أكد وزير العدل "عبد اللطيف وهبي"، في كلمة له أن المغرب حرص على مناهضة مختلف أشكال الميز وتكريس قيم المساواة والتعددية الثقافية في النص القانوني والواقع الاجتماعي، مبرزا أن الدستور المغربي لسنة 2011، كرس المزيج المتناغم لروافد الهوية الوطنية مع القيم الكونية، كما أقر التعدد الثقافي واللغوي كواقع اجتماعي، من خلال ترسيخ الهوية الوطنية المنفتحة والمتعددة والموحدة للمغاربة بتنوعهم الثقافي، وتجسيد قيم الكرامة والحرية والمساواة بين المواطنين والمواطنات المغاربة والأجانب المقيمين بالمغرب، وكذا التعددية وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، وتوسيع نطاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، فضلا عن إحداث مؤسسات وطنية تعنى بحقوق الإنسان والتقنين والحكامة والتنمية، ومنها ما يختص بقضايا التعدد الثقافي واللغوي والتسامح الديني، والمساواة والمناصفة وعدم التمييز، والتي تم إصدار النصوص القانونية المنظمة لها، إضافة إلى التكريس الدستوري لقواعد التعبير التعددي لتيارات الفكر والرأي.

وتابع "وهبي" حديثه مذكرا بأن المملكة كانت دائما ملتقى لتلاقح الثقافات الإفريقية والشرقية والمتوسطية، وموطنا لقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار بين الثقافات، موضحا أن هذه الميزة تكرست بفضل عمق المكانة التاريخية والمركزية لمؤسسة إمارة المؤمنين في بعدها الرمزي والروحي والوظيفي، كركيزة أساسية لحماية الحقوق والحريات المكفولة بموجب الدستور والالتزامات الدولية، مما يشكل حصانة للمجتمع من كل غلو أو انحراف لأغراض التحريض على العنف والتمييز والكراهية، وبما يضمن حرية ممارسة الشؤون الدينية، مشيرا كذلك للمكانة الخاصة التي يحظى بها المكون العبري بالبلاد والحرية التي يمارس بها المسيحيون شؤونهم الدينية، مستعرضا العمل على صيانة وتثمين وحماية الرافد العبري للتراث الثقافي المغربي، من خلال تنفيذ مشاريع لترميم وإعادة تأهيل عدد من الأحياء والفضاءات التاريخية لليهود المغاربة بعدد من المدن التاريخية، وإدماج الثقافة والتاريخ اليهوديين المغربيين في المناهج الدراسية بالمراحل الأساسية، وإحداث مراكز للذاكرة ومتاحف للثقافة اليهودية، وتنفيذ برامج لتثمين التراث الثقافي اللامادي اليهودي في الصناعة التقليدية. مما يعد نموذجا للتعايش والتلاقح بين مختلف مكونات المجتمع المغربي، ودليلا ملموسا على التوجه العام للدولة لضمان حرية المعتقد انطلاقا من قيم التسامح والتعايش والحوار. مضيفا أن المملكة حرصت على اعتماد سياسة ثقافية جديدة ومندمجة تروم تثمين الرصيد الثقافي الوطني المادي واللامادي، وتأهيل المرافق العمومية الثقافية وضمان قربها وتحسين الولوج إليها، وإحداث مشاريع ثقافية مهيكلة، وتشجيع الإنتاج الثقافي التعددي، وتمكين كل المجالات الترابية من بنيات ثقافية تستجيب للحاجيات الحقيقية للساكنة.

وفي هذا الإطار، تم الحرص على اعتماد وتطبيق القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وترسيخ إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية. ويشكل القرار الملكي السامي بإقرار رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمية في المغرب، والذي اتخذت الحكومة التدابير اللازمة لتطبيقه، مبادرة نوعية تترجم العناية البالغة التي توليها البلاد لهذا الورش الوطني. ووفق هذه الإرادة، يضيف الوزير أنه تم إحداث آليات حكامة دائمة لتتبع ومواكبة تفعيل مخطط مندمج لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، في مجالات التعليم والتشريع والتنظيم، والعمل البرلماني، والتقاضي، والإعلام والاتصال، ومختلف مجالات الإبداع الثقافي والفني، واستعمال الأمازيغية في الحياة العامة.

بدوره، رحب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمختلف المبادرات الحكومية الرامية إلى إرساء الوضع الرسمي للأمازيغية، غير أنه شدد على أهمية اتخاذ جميع التدابير القانونية والسياسية والمالية اللازمة لتسريع تنفيذ أحكام القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتطبيق الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في التعليم وفي المجالات ذات الأولوية في الحياة العامة.


فضلا عن ذلك، تمت الإشارة للثقافة والتراث الحساني التي حظيت هي الأخرى بكامل الاهتمام من خلال إنجاز مشاريع نوعية في إطار تنفيذ النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية للمملكة، تروم صيانة وتأهيل وتثمين الموروث الثقافي الحساني، بما في ذلك تنظيم المهرجانات التراثية، ودعم المشاريع الثقافية والجمعيات الثقافية وأنشطة مركز الدراسات والأبحاث الحسانية.

كما قدم المتحدث نفسه نماذج من التدابير التشريعية والعملية في مجال محاربة الميز ضد مجموعة من الفئات من قبيل المرأة والأشخاص في وضعية إعاقة وكذا المهاجرين وطالبي اللجوء، مبرزا النشاط الملحوظ للمملكة على الصعيد الدولي في إطار المبادرات والجهود المتعلقة بمكافحة التحريض على الكراهية ونبذ العنصرية بكل أشكالها، ومنها المبادرة المقدمة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاعتماد يوم 18 يونيو من كل سنة يوما دوليا لمكافحة خطاب الكراهية.

ونوه المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالجهود التي يبذلها المغرب لحماية وتعزيز حقوق الأجانب وكذلك منع أي شكل من أشكال التمييز، داعيا الحكومة إلى مواصلة ضمان احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية لطالبي اللجوء.

ومن جانبه، ثمن مدير الرصد والحماية بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان "عبد الرفيع حمضي"، التقدم الدستوري والتشريعي، فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من قبل المغرب، داعيا إلى مواصلة الإصلاحات التشريعية من أجل تعزيز الامتثال للاتفاقية. كما أوصى المجلس بإرساء إطار قانوني كامل لمكافحة جميع أشكال التمييز العنصري وتسريع اعتماد مشروع قانون تعديل وتتميم القانون الجنائي، طبقا لتوصياته الواردة في مذكرته لسنة 2019، الرامية إلى مواءمة مشروع القانون الجنائي مع الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتشمل هذه التوصيات: تعديل قانون الجنسية قصد السماح للرجال الأجانب المتزوجين من مغربيات بالحصول على الجنسية المغربية.
وأفاد "عبد الرفيع حمضي" إن المجلس عالج 15 شكاية تتعلق بادعاءات حول التعرض للميز العنصري ضمن حصيلة تضم 12 ألف شكوى وتظلم تهم مختلف أشكال انتهاكات حقوق الإنسان. مبرزا أن الحالات التي عالجها المجلس همت أساسا خدمات القطاع الطبي، وتعليقات تلحق الوصم من قبل وسائل إعلام عبر الإنترنت تحرض على الكراهية أو الميز العنصري، بالإضافة إلى شكاوى عنف قائم على النوع الاجتماعي ضد محتجز أجنبي، فضلا عن ادعاءات بالتمييز في ولوج العدالة لأجانب مقيمين بطريقة غير شرعية. موضحا أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه المختصة اتخذ التدابير اللازمة لمعالجة الشكاوى، لاسيما من خلال الزيارات الميدانية وإجراءات الوساطة والتفاعل مع السلطات المختصة، مع توجيه المشتكين في الخطوات الواجب اتباعها.

اترك تعليقاً