الصحراء المغربية: النظام العسكري الجزائري بين جزرة وعصا أمريكا ولا ثالث لهما


الصحراء المغربية: النظام العسكري الجزائري بين جزرة وعصا أمريكا ولا ثالث لهما صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

          اعترفت الولايات المتحدة بالصحراء كجزء لا يتجزأ من المغرب عام 2020. كما دعمت أمريكا خطة الحكم الذاتي المقترحة للمنطقة الخاضعة للسيادة المغربية، باعتبارها الحل الوحيد الممكن لنزاع الصحراء.
لكن النظام العسكري الجزائري، الذي دأب على تسليح وإيواء وتمويل جبهة البوليساريو الانفصالية منذ عام 1975 لزعزعة استقرار المملكة، رفض حتى الآن الاعتراف الأمريكي. كما رفض الدخول في مفاوضات دون تأخير، باستخدام خطة الحكم الذاتي المغربية كإطار وحيد للتفاوض على حل مقبول للطرفين.
و يبلغ الصراع بين الرباط والجزائر حول الصحراء نصف قرن، مما يهدد السلام والاستقرار الإقليميين. وقد تواصل المغرب مع الجزائر عدة مرات لتسوية جميع القضايا العالقة، بما في ذلك الصحراء، لكن النظام العسكري الحاكم رفض التراجع، مفضلا مواصلة استراتيجيته العرقلية ودعايته المعادية للمغرب.
بعد عودة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض في يناير 2025، أرسل مستشاره الكبير مسعد بولس إلى الجزائر لحثها على إنهاء نزاع الصحراء الذي استمر لعقود، استنادا إلى خطة الحكم الذاتي المغربية، لكن الحكام الجزائريين أبدوا ترددا. واقترحوا على واشنطن حوافز اقتصادية بناء على توصية جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، وأحد أعداء ترامب.
أخطأ القادة الجزائريون عندما ظنوا أن العرض أو الصفقة الأمريكية قابلة للتفاوض. نسوا أن ترامب، رجل الأعمال والسياسي الناجح، يواصل الضغط حتى يصل إلى هدفه. يلعب بقوة ويفوز دائما.لذا، شنت إدارة ترامب هجوما لاذعا على النظام العسكري الجزائري بتصريحات سياسية واضحة المعالم، تؤكد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ودعم خطة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية تحت سيادتها.وعبر عن الموقف الأمريكي الداعم عدة مرات هذا الشهر كل من كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، مسعد بولس، ونائب وزير الخارجية، كريستوفر لاندو، وعضو الكونغرس، جو ويلسون.
ومن خلال نائب وزير الخارجية، كريستوفر لاندو، منحت واشنطن الضوء الأخضر للشركات التي تتطلع إلى الاستثمار وممارسة الأعمال التجارية في جميع أنحاء المغرب، بما في ذلك أقاليمه الجنوبية. وسيتم ضخ أكثر من 5 مليارات دولار في الصحراء المغربية، التي من المقرر أن تصبح مركزا اقتصاديا إقليميا رئيسيا.الولايات المتحدة، حاملة القلم لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الصحراء، تنسق جهودها الدبلوماسية مع فرنسا والمملكة المتحدة، الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، لإنهاء النزاع في الصحراء نهائيا وتطبيق خطة الحكم الذاتي على الأرض مع أو بدون دعم الجزائر.
على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، حظي المغرب بدعم أكبر لخطة سلامته الإقليمية والحكم الذاتي المقترحة للصحراء تحت سيادته.في نيويورك، أيدت دول الساحل، وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد، المبادرة الملكية التي تتيح لهذه الدول الأفريقية غير الساحلية الوصول إلى المحيط الأطلسي، مما زاد من عزلة الجزائر الإقليمية والدولية.مع تصاعد الضغوط الأمريكية قبيل اجتماع مجلس الأمن المتوقع أن يتخذ قرارات تاريخية بشأن الصحراء، بدأت تظهر تصدعات داخل النظام العسكري الجزائري الغامض. وبلغ الصراع على السلطة ذروته بين الرئاسة وقائد الجيش وجماعتيهما.
و يعد الاختفاء الغامض للرئيس الجزائري عن الأنظار لعدة أسابيع، وهروب الجنرال عبد القادر حداد إلى إسبانيا حاملا أسرارا بالغة الأهمية، دليلا على السقوط الوشيك للطغمة العسكرية الاستبدادية في الجزائر.بعد انهيار الأنظمة العسكرية في ليبيا واليمن والعراق والسودان وسوريا، يقول الخبراء إن النظام الجزائري سيكون التالي. يشعر كل من الجنرالات والرئاسة بضغط شديد. واقتناعا منهم بأن لعبة "الصحراء الغربية" قد انتهت، فقد وصلوا إلى نقطة تحول، وفقا لبعض المحللين.يقال إن الرئيس عبد المجيد تبون لم يفوت فرص قط، سواء مع الصحافة أو في الاجتماعات الدولية، دون أن يعيد التأكيد بجرأة على موقف بلاده الثابت في دعم جبهة البوليساريو الانفصالية.ومع ذلك، خلال لقائه الأخير مع الصحفيين المحليين، تحدث عن كل شيء، لكنه تجاهل المغرب والصحراء وجبهة البوليساريو وخطة الحكم الذاتي والموقف الأمريكي الداعم للصحراء المغربية.
و يعتبر هذا تحولا كبيرا في الموقف الجزائري. يوم الأحد، نشر نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لاندو على حسابه على منصة إكس رسالة تبشر بآفاق جديدة في العلاقات التجارية الأمريكية الجزائرية، مشددا على أهمية بناء جسور تعزز ازدهار البلدين.و تأتي هذه الخطوة بعد الاجتماعات التي عقدها كريستوفر لاندو وكبير مستشاري ترامب، مسعد بولس، مع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف.
ووفقا لبعض المحللين، تشير الرسالة الأمريكية إلى أن النظام الجزائري أبدى مرونة تجاه الصفقة الأمريكية التي ستؤدي إلى استثمارات أمريكية في الجزائر، وإقامة خطوط جوية مباشرة، وتطوير العلاقات التجارية.لكن كل هذه المكاسب للسلام تتوقف على وقف العداء تجاه المغرب، حليف الولايات المتحدة وشريكها الاستراتيجي، وحل ميليشيا البوليساريو، وتأييد خطة الحكم الذاتي، وانفتاح البلاد.و ينبغي على النظام الجزائري التوقف عن دعايته المضللة والبدء في تهيئة الرأي العام للتغييرات الجذرية القادمة وإغلاق نزاع الصحراء لصالح المغرب.و تشير بعض التقارير الاستخباراتية إلى أن الجزائر تستعد لاستراتيجية خروج رئيسية من نزاع الصحراء، لكنها أكدت وجود بعض التحديات الداخلية الرئيسية.

اترك تعليقاً