الداخلة قطب بحري إفريقي رائد يرسخ مكانته ضمن الرؤية الملكية لتنمية الأقاليم الجنوبية


الداخلة قطب بحري إفريقي رائد يرسخ مكانته ضمن الرؤية الملكية لتنمية الأقاليم الجنوبية صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - و.م.ع

         يشكل قطاع الصيد البحري بجهة الداخلة وادي الذهب أحد الركائز الاقتصادية الأساسية للمملكة، ورافعة محورية لمسار التنمية الشاملة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية في ظل الرؤية الملكية السامية الرامية إلى جعل الصحراء المغربية نموذجا للتنمية المستدامة والاندماج الاقتصادي.

 

فبفضل موقعها الاستراتيجي على الواجهة الأطلسية وغنى مياهها بالثروات السمكية، أضحت الداخلة من أبرز الأقطاب البحرية الوطنية، إذ تحتضن موانئ عصرية، ووحدات صناعية متطورة، وقرى نموذجية للصيادين، مما ساهم في تحسين مستوى عيش آلاف الأسر وتوفير عشرات الآلاف من فرص الشغل.

 

وفي هذا السياق، أوضح يوسف أفنون، مندوب الصيد البحري بالداخلة، أن الجهة أصبحت اليوم قطبا اقتصاديا رئيسيا، مبرزا أن الصيد البحري يمثل «النشاط الاقتصادي الأهم والمشغل الأول على الصعيد الجهوي.

 

وأشار أفنون، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، إلى أن الطفرة التي شهدها القطاع جاءت نتيجة الاستثمارات العمومية والمبادرات الخاصة والبحث العلمي، ما عزز موقع الجهة كمركز إقليمي ودولي في مجال الصيد.

 

وأكد أن البنية التحتية بالجهة تشمل موانئ حديثة ومناطق صناعية متخصصة في تثمين وتحويل المنتوجات البحرية، حيث بلغت كميات المفرغات سنة 2024 نحو 700 ألف طن بقيمة إجمالية قاربت 5.3 مليار درهم، فيما تجاوزت صادرات المنتوجات البحرية 323 ألف طن بقيمة 7.2 مليار درهم، أي ما يعادل 26 في المائة من صادرات القطاع الوطني.

 

ويضم أسطول الصيد بالجهة أكثر من 3270 قاربا تقليديا و257 مركبا ساحليا، إلى جانب 31 مركبا متخصصا في صيد الأسماك السطحية الصغيرة بتقنية التبريد بالمياه المبردة، وهي ميزة فريدة على المستوى الوطني. كما تحتضن الداخلة أزيد من 100 وحدة صناعية لتثمين المنتوجات البحرية، منها سبع وحدات لتصبير السمك، توفّر ما يفوق 33 ألف منصب شغل مباشر وقرابة 50 ألف غير مباشر.

 

وفي ما يخص تربية الأحياء المائية، أبرز أفنون أن الجهة تتصدر الإنتاج الوطني بإجمالي 1600 طن سنة 2024، بقيمة تناهز 151 مليون درهم، موضحا أن هذا القطاع يشكل «دعامة استراتيجية لتخفيف الضغط على المصايد الطبيعية وتلبية الطلب المتزايد على البروتينات الحيوانية»، انسجاما مع أهداف استراتيجية أليوتيس.

 

من جهته، أكد عبد الرحيم أكجيج، المدير الجهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري (INRH)، أن البحث العلمي يمثل الركيزة الأساسية لاستدامة الثروة البحرية والتوازن البيئي والاقتصادي، مشيرا إلى أن المعهد يعد «المستشار العلمي الأول» للقطاع بالمغرب.

 

وأوضح أن المعهد يضم ثلاثة مختبرات رئيسية تعنى بمتابعة المخزون السمكي، ومراقبة جودة الوسط البحري، وتطوير تربية الأحياء المائية، بهدف ضمان سلامة المنتوجات وتحقيق استغلال مستدام للموارد. وبيّن أن الداخلة تساهم بأكثر من 70 في المائة من إنتاج الأحياء المائية الوطني، مؤكداً أن «الاستثمار في البحث العلمي يظل مفتاح تنمية القطاع وتحفيز الاقتصاد الجهوي».

 

من جانبها، قالت جميلة القواتلي، مسؤولة الإنتاج بمجموعة "King Pelagic"، إن المجموعة التي تأسست سنة 2004 تمثل نموذجا ناجحا في تثمين المنتوجات البحرية، بفضل وحداتها الصناعية المتكاملة التي تشمل المعالجة والتجميد والتصبير وصناعة العلب واستخلاص زيت ودقيق السمك.

 

وأضافت أن المجموعة توفر أكثر من 2600 وظيفة مباشرة و3000 غير مباشرة، وتوجه 97 في المائة من منتجاتها نحو التصدير إلى أكثر من 60 بلدا، موضحة أن اختيار الداخلة للاستثمار يعود إلى غناها بالأسماك السطحية ووفرة بنيتها التحتية الحديثة.

 

وهكذا، تبرز جهة الداخلة وادي الذهب اليوم كنموذج للتنمية المتكاملة التي تجمع بين الاقتصاد الأزرق والاستدامة البيئية، مجسدة رؤية جلالة الملك محمد السادس لتحويل الأقاليم الجنوبية إلى فضاء للإنتاج والابتكار والانفتاح على العالم.

وبعد مرور نصف قرن على المسيرة الخضراء، تؤكد الداخلة مكانتها كرمز لثمرة الوحدة الوطنية والتنمية المستدامة في قلب الصحراء المغربية.

اترك تعليقاً