أنظمة التحقق من العمر حماية للقاصرين أم تهديد خفي لخصوصية المستخدمين


أنظمة التحقق من العمر حماية للقاصرين أم تهديد خفي لخصوصية المستخدمين صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

       مع ارتفاع معدلات استخدام الإنترنت بين الأطفال والمراهقين، اتجهت العديد من المنصات الرقمية إلى فرض إجراءات تحقق من عمر المستخدم قبل السماح له بالوصول إلى محتواها.

ورغم أن الهدف المعلن لهذه الخطوة هو تعزيز حماية القاصرين، إلا أن خبراء الأمن الرقمي يحذرون من أنها قد تتحول إلى مصدر خطر يهدد خصوصية المستخدمين ويعرض بياناتهم الحساسة للاختراق.

 

ففي ظل اشتداد الرقابة الحكومية على المحتوى الموجّه للأطفال، أصبحت مواقع الإنترنت تطلب من المستخدمين تقديم وثائق رسمية أو بيانات شخصية دقيقة لإثبات أعمارهم.

 ويؤكد مختصون في الأمن السيبراني أن هذه المنصات باتت تجمع كمًا كبيرًا من المعلومات الحساسة، ما يحولها إلى هدف مثالي للهجمات الإلكترونية وعمليات الابتزاز، إذ إن أي اختراق قد يكشف بيانات بالغة الخطورة تخص مستخدمين بالغين وقاصرين على حد سواء.

 

وتعتمد الشركات اليوم على وسائل متعددة للتحقق من العمر، مثل تقنيات التعرف على الوجه المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، أو رفع نسخ من بطاقات الهوية وجوازات السفر، أو إدخال بيانات بطاقة ائتمان. هذه المعلومات الاسم الكامل، وتاريخ الميلاد، والصور الشخصية، وأرقام البطاقات تمثل كنزا ثمينا للمخترقين.

 

تشير وقائع الاختراق التي شهدتها شركات مختلفة خلال السنوات الأخيرة إلى أن بعض المؤسسات غير قادرة على إدارة هذا الكم الهائل من البيانات الحساسة. ويرى خبراء القانون والأمن السيبراني أن أنظمة التحقق من العمر، رغم نواياها الحسنة، قد تفتح الباب أمام سرقة الهويات أو ابتزاز المستخدمين، خاصة أن المهاجمين يحتاجون ثغرة واحدة فقط للوصول إلى هذه المعلومات.

 

ومع دخول قوانين جديدة حيّز التنفيذ في عدد من الدول، مثل قوانين "الأمان على الإنترنت" التي تلزم بعض المواقع بإجراء تحقق صارم من العمر، تبرز تساؤلات حتمية: أين تخزن هذه البيانات؟ وما المدة التي تبقى فيها محفوظة؟ ومن يضمن حذفها بعد انتهاء عملية التحقق؟

يوصي الخبراء بعدة خطوات لتقليل المخاطر، أبرزها تقديم الحد الأدنى من المعلومات المطلوبة فقط، إلى جانب فحص سياسات الخصوصية الخاصة بالمنصة بدقة قبل تحميل أي وثيقة شخصية حساسة.

كما يحذرون من التعامل مع مواقع لا تقدم ضمانات واضحة بشأن آليات تخزين البيانات أو حذفها.

 

ورغم أن الهدف المعلن من أنظمة التحقق من العمر هو توفير بيئة رقمية أكثر أمانا للقاصرين، إلا أنها قد تتحول إلى باب واسع لمخاطر أمنية إذا لم تطبق معايير صارمة لحماية الخصوصية.

وبينما تستمر الحكومات والشركات التقنية في تطوير هذه الحلول، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن حقيقي بين حماية الأطفال وصون بيانات المستخدمين من أن تتحول إلى عبء أو تهديد أمني.

اترك تعليقاً