ثلاثة أشهر من إضراب طلبة طب الأسنان بالدار البيضاء ولا وبوادر انفراج الأزمة تلوح في الأفق

تشهد كلية طب الأسنان بالدار البيضاء حالة من الاضطراب، إذ منذ أكثر من 80 يوما، يقاطع الطلاب الدروس العملية والتدريب السريري.
ونظم الطلاب، يوم أمس الثلاثاء، اعتصاما جديدا أمام مركز طب الأسنان، وهو الثاني من نوعه، منذ بدء الإضراب، للتنديد بالتدهور المستمر لظروف تدريبهم، والنقص الحاد في المعدات الطبية، والحالة المقلقة للبنية التحتية.
في قلب هذا الاحتجاج الطلابي، تُثار قضية تداعي كراسي العلاج، والتي معظمها رُكب منذ أكثر من اثني عشر عاما، لم يعد صالحا للاستخدام.
وفي هذا السياق، أوضح إلياس باخبرين، رئيس اتحاد الطلاب، أن الكراسي الكهربائية في حالة يرثى لها وكثير منها مكسور، وغير صالح للاستخدام، وحتى عندما تعمل يبقى عددها محدودا جدا، مقارنة بعدد الطلاب والمرضى.
ونتيجة لذلك، يضيف باخبرين، في تصريح صحفي، أن المرضى ينتظرون أحيانا شهورا للحصول على موعد بسيط، مع أن بعض الحالات تتطلب تدخلا عاجلا، وهذا التأخير يُفاقم حالتهم، مما يجبر الطلاب على التدخل.
وقال باخبرين: إنه، في ظل هذه الظروف، أصبح التدريب السريري مستحيلا، مما يفسر إضراب الطلاب، الذين يخشون، الآن، عدم تمكنهم من إكمال تدريبهم في المستشفيات، وهو شرط أساسي للانتقال إلى العام الدراسي التالي.
وشدد باخبرين على أن إيجاد حل لإنقاذ عامهم الدراسي أصبح أكثر إلحاحا، إذ في ظل الوضع الراهن، من المستحيل استئناف التدريب.
وأبرز المتحدث ذاته أن الظروف المزرية للتدريب لا تقتصر على الكراسي فحسب، بل لم تعد الكلية توفر بعض المواد الأساسية، مثل الراتنج لتركيب أطقم الأسنان أو المواد المركبة لترميم الأسنان.
ويجبر هذا النقص الطلاب، أحيانا، على شراء المستلزمات الطبية اللازمة بأنفسهم وهذا يشكل عبئا ماليا ثقيلا، لا سيما على القادمين من مناطق نائية كالعيون والداخلة، والذين جاؤوا للدراسة في الدار البيضاء متكبدين تضحيات مالية جسيمة من عائلاتهم، يوضح المتحدث.
ويشكو الطالب نفسه قائلا: "علينا تغطية تكاليف السكن والمعيشة، والآن المستلزمات الطبية مع أن البعض لا يستطيع تحملها".
ويرى الطلاب أن صمت المسؤولين أو تقاعسهم لا يؤدي إلا إلى تفاقم وضعهم، مستنكرين غياب الشفافية فيما يتعلق بسير الإجراءات الإدارية وغياب التواصل الفعال.
ولإيصال أصواتهم، يقول الطلاب: إن الإضراب هو ملاذهم الأخير، مطالبين بتجديد المعدات، وتوفير مواد كافية وعالية الجودة، وتحسين ظروف التدريب السريري بشكل عام.
كما يؤكد الطلاب انفتاحهم على الحوار، وبالمقابل الاستعداد لتكثيف احتجاجاتهم إذا استمر المسؤولون في تجاهل مطالبهم، محملين إدارة الكلية، وكذلك السلطات الصحية والجامعية الوطنية، مسؤولية عدم ضمان بيئة دراسية ورعاية صحية مناسبة.
الأزمة التي تهز كلية طب الأسنان بالدار البيضاء وقبلها، تلك التي شلت جميع كليات الطب لأكثر من عشرة أشهر، تكشف بوضوح عن الفجوة بين الطموحات المعلنة والموارد الموجودة، فبينما يشكل قطاع الصحة أساس جميع السياسات الاجتماعية، لا يزال تدريب أطباء المستقبل لا يحظى بالاهتمام الكافي.