التحديات التي تواجه الإصلاح في الأمم المتحدة


 التحديات التي تواجه الإصلاح في الأمم المتحدة
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      تتوالى التحديات بالنسبة للأمم المتحدة، لكنها لا تتشابه، فمنذ إنشائها قبل 80 سنة للدفاع عن قضية السلام والنهوض بالتنمية وحقوق الإنسان، تواجه المنظمة متعددة الأطراف، اليوم، اختبارا صعبا بفعل الانقسامات الجيو-سياسية، وتعدد بؤر النزاع عبر العالم.

هذا الكم من الأزمات، التي تتأرجح بين السياسي والإنساني، فضلا عن الضغوط المالية المستمرة التي تحد من قدرة الأمم المتحدة على أداء مهامها، أعاد إلى الواجهة ضرورة إقرار إصلاح جوهري وملائم للمنظومة متعددة الأطراف.

ويحذر أعضاء "مجموعة الحكماء" من أن "تراجع المعايير والمؤسسات الدولية، بشكل متزايد، يهدد العالم بشكل خطير، ومن دون إصلاحات جذرية، فإن المنظمة متعددة الأطراف، التي تأسست قبل 8 عقود، لن تكون قادرة على مواجهة التهديدات الوجودية المتنامية التي تحدق بالإنسانية".

هذه المجموعة، التي تضم شخصيات سياسية ومسؤولين سابقين يتابعون عن كثب تطورات القضايا العالمية، تؤكد أن العالم بحاجة إلى منظومة متعددة الأطراف تتماشى مع متطلبات العصر ومع الوقائع الميدانية.

في هذا السياق، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مارس الماضي مبادرة "الأمم المتحدة 80" التي سيتم عرضها ومناقشتها، خلال الأسبوع رفيع المستوى للدورة ال 80 للجمعية العامة، الذي ينطلق الثلاثاء في نيويورك. وتهدف هذه المبادرة إلى جعل المنظمة الدولية "أقوى وأكثر فعالية وصلابة وأفضل جاهزية" لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة.

ويشير غاي رايدر، نائب الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالسياسات، ورئيس فريق العمل على مبادرة "الأمم المتحدة 80"، إلى أن الهدف يتمثل، أيضا، في تقوية قدرة المنظمة على مواجهة التحديات العالمية الراهنة، بما يشمل النزاعات والنزوح وعدم المساواة والصدمات المناخية والتحولات التكنولوجية المتسارعة، إلى جانب مواجهة الضغوط الخارجية مثل تقليص الاعتمادات المالية، وتنامي الانقسامات السياسية في الفضاء متعدد الأطراف.

ويعتبر أن الوقت قد حان لإعادة النظر والتأقلم مع الظروف التي يصفها بأنها "بالغة الصعوبة"

وينصب الإصلاح، الذي تنشده الأمم المتحدة، على تحسين الكفاءة الداخلية والفعالية، وتقليص البيروقراطية، وتحسين البصمة العالمية للمنظمة عبر نقل بعض الوظائف إلى مواقع أقل تكلفة.

كما تطمح المبادرة إلى دراسة تنفيذ الولايات، وهو ما يقتضي مراجعة ما يقارب 4.000 وثيقة ولاية تؤطر عمل أمانة الأمم المتحدة. ويتعلق الأمر بمهام ومسؤوليات توكل إلى المنظمة من قبل الدول الأعضاء عادة من خلال قرارات تصدر عن الجمعية العامة أو مجلس الأمن.

وتؤطر هذه الولايات عمل المنظمة، سواء تعلق الأمر بعمليات حفظ السلام، أو بتقديم المساعدات الإنسانية، أو بالدفاع عن حقوق الإنسان، أو بالعمل من أجل حماية البيئة. وحسب الأمم المتحدة، فقد تراكمت على مر العقود ما لا يقل عن 40.000 ولاية، تتداخل، أحيانا، أو تصبح متجاوزة مع مرور الوقت.

ويقر رايدر بأن "الوقت قد حان للنظر في إعادة هيكلة المنظومة الأممية، التي أضحت بالغة التعقيد".

وفي إطار هذه المبادرة، أعلن الأمين العام عن تشكيل سبع مجموعات موضوعاتية ضمن فريق عمل "الأمم المتحدة 80"، ينسق كل منها مسؤولون رفيعو المستوى من مختلف هيئات المنظمة، وتشمل مجالات السلام والأمن، والعمل الإنساني، والتنمية، وحقوق الإنسان، والتدريب والبحث، والوكالات المتخصصة.

وفي إطار هذا الجهد الإصلاحي، انتهت الأمم المتحدة، مؤخرا، من إعداد التقديرات المنقحة لمشروع ميزانية برنامج عملها لسنة 2026، والتي تقترح خفضا بنسبة 15.1 في المائة في الموارد (ما يعادل 527 مليون دولار) و18.8 في المائة في عدد الوظائف.

ويرى مراقبون أن نجاح عملية إصلاح المنظومة الأممية رهين بتوفر إرادة سياسية لدى جميع الأطراف المعنية، ويشدد ماكس-أوتو باومان، الباحث في المعهد الألماني للتنمية والاستدامة، على أن الأصوات الحريصة على حماية العمل متعدد الأطراف "ينبغي أن تتناول هذا المسار الإصلاحي كفرصة لتعزيز الثقة، مع إعطاء الأولوية للحوار خدمة للمصالح المشتركة" للبشرية.

اترك تعليقاً