فاس . أرض الحوار تحاور أبناءها


فاس . أرض الحوار تحاور أبناءها     صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - محمد التهامي بنيس

      سؤال 3

أيا فاس، وأنت عاصمة روحية، وكنت عاصمة إدارية وعاصمة ثقافية واقتصادية، ما الذي حدث فتغير وضعك لما أنت عليه الآن؟ 

جواب لسان حال فاس: لا يحزنني تغير الأدوار نتيجة تعاقب الدول التي ارتأت أن تنقل عاصمة المغرب إلى مدن أخرى، كما لم يحزنني أن انتقلت العاصمة، قبل ذلك، إلى فاس البيضاء – فاس الجديد – وتم اختيارها كبديل استراتيجي، فقد بقيت مكانتي محفوظة في كل تلك الأحوال، وإن كان التأثير قد ظهر على نقص استقطاب النشاط الاقتصادي والثقافي والسياسي، على ما كنت عليه في السابق، وكنت، وما زلت، أقنع نفسي بأنه يعود للطبيعة المتشابكة لأزقتي وصعوبة تحديثها، وأنه كما أن فاس الجديد جزء مني فأنا جزء من المغرب، وأمني النفس بأني ما زلت مركزا ثقافيا حيويا ووجهة سياحية مسجلة ضمن التراث العالمي، وأجذب السياح من جميع دول العالم، ولكن لا أخفي حزني على تقزيم أدوار بعض مؤسساتي، مثل دور جامعة القرويين، بتغيير دورها كجامعة يمكن أن تساير العصر وتستفيد من التحديثات، كما لا أخفي انزواء وإحجام المثقفين من أبنائي الذين استسلموا لليأس مع أنهم قادرون على تنشيط حياتي الثقافية في شتى المجالات: مسرح، موسيقى، ندوات ومناظرات، مهرجانات، الانفتاح على المجتمع ، تنشيط الثقافة السياسية لإعادة الحياة السياسية والنقابية، المجال الاقتصادي الرياضي، البيئي.

وباختصار القضاء على الركود بتحريك المياه الراكدة لتعود جارية حية تنتعش وتنعش الحياة في فضاءاتي التاريخية والمعاصرة فهناك أخواتي من المدن التاريخية  أغبطها على حيويتها ونشاط أبنائها الذين يبدعون ويجلبون ويستقطبون المتعة والجمال لاستمرار الحياة، واقتحام الحداثة، واستلهام التطور والارتقاء ، ولا يمكن بحال أن تكون غبطتي بأخواتي إعلان استسلامي للأمر الواقع،  فثقتي زادت مع وجود من ينفض الغبار عني وينبش في تراثي لاكتشاف مقوماتي والانطلاق نحو المبادرات الخلاقة، وأنا لست يائسة، ولكن لانطلاق مبادرات متنوعة هادفة شاملة، أنا متعطشة

         سؤال 4

هل ترين نفسك مؤهلة لتكوني مدينة ذكية؟

جواب لسان حال فاس: كأني بك تسأل عما ينقصني لأكون ذكية، أنوه بأن سرني ويسرني ما أسمع من رغبة في أن أكون مدينة ذكية، فهذا يجعل أصالتي مندمجة في حداثتي وتحديثي، لكن، وانطلاقا من واقعي الآني، أرى ذلك كمن يضحك على الذقون بأن يقيم حفلا لعروس وسط مستنقع النفايات، يزينها ويعطرها وسط روائح الصرف الصحي، ويمر بهودجها وسط هواء ملوث تزيده تلوثا مقذوفات المصانع وخوارج الحافلات المهترئة، وتعطل النقل العام، وحالة ما عليه النقل الحضري، وحال السكن وأوضاع السكان والبيئة، ومسار ومسالك الطرق. فقبل أن أتوفر على هذه المقومات، لا يعدو ما أسمعه أن يكون هراء، وحينما توفر هذه الأساسيات أطمئن لمن يسمعني أو يهمس بانتقالي لمستوى مدينة ذكية، وأعتبر كلامه جادا، وليس مجرد وعد.                                                            

فأنا مؤهلة ومستعدة لكي أكون مدينة ذكية، إذا تطهر مناخي العام، ومؤهلة لاحتواء تكنولوجيا المعلومات القوية والشاملة، ولا أشعر بأي نقص إذا أعدت فضاءاتي ومرافقي وأعدت مواردي البشرية للتأقلم مع مكونات المدينة الذكية والبنية التحتية الاجتماعية: من توسيع مرافق الإسكان للجميع، وهيكلة المناطق غير المهيأة، وتطوير المساحات المفتوحة، والحفاظ عليها، شأنها شأن المنتزهات والملاعب وتعزيز الاقتصاد المحلي، وتخفيف الازدحام، وضمان الأمن، وتجديد الطرق وتشويرها، ووضع ممرات للدراجات والمشاة، وتقريب وتحسين الخدمات، أي تعزيز التفاعلات وتجويد نوعية حياة السكان .

ساعتها أفتخر بأني مدينة ذكية، ساعتها أوقن أن ثوب الحداد زال عني، ساعتها أدرك أن الإنصاف يشملني وأني لا أعاقب، ظلما، بجرم لم أرتكبه، ولست مسؤولة على أسبابه ومسبباته عبر التاريخ. إلا أني أرى بعين متفائلة أن هذه   الساعة تقترب، مستبشرة باليد البيضاء الكريمة التي تمسح جبيني، مستشهدة ببعض بوادر ما ألمسه من إنجازات وإصلاحات تندرج في توفير تلك الأساسيات التي تنقصني، والتي تظهر في نفض الغبار عني بين الحين والآخر. وأرجو ألا يكون ذلك ذرا للرماد لأني بصدق أتعطش لأصير مدينة ذكية أساهم مثل أخواتي في تطوير المغرب ورقيه.

 

 

اترك تعليقاً