توني بلير من أصغر رئيس وزراء إلى صانع اتفاقية تاريخية


توني بلير من أصغر رئيس وزراء إلى صانع اتفاقية تاريخية صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

        يعد توني بلير أصغر من تولى رئاسة الوزراء في بريطانيا منذ عام 1812، حين وصل إلى المنصب سنة 1998. وبعد عام واحد فقط، وبإشراف أمريكي، قاد واحدة من أبرز إنجازاته السياسية عبر اتفاقية الجمعة العظيمة التي أنهت عقودا من الصراع في إيرلندا الشمالية.

 

ورغم غياب عقيدة سياسية واضحة عند خلافته لمارغريت تاتشر، ظل بلير في السلطة حتى 2007، جامعاً بين الدبلوماسية والسياسة والاستثمار العالمي.

 

لكن إرث بلير تلطخ عام 2003 عندما قاد بريطانيا إلى حرب العراق إلى جانب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن. القرار أثار احتجاجات واسعة، فيما كشف لاحقا تحقيق مستقل أنه بالغ في تبرير الحرب، وأن أسلحة الدمار الشامل لم تكن موجودة.

 

وفي 2004، وجه أكثر من 50 دبلوماسيا بريطانيا سابقا رسالة مفتوحة انتقدوا فيها دعمه الثابت للسياسات الأمريكية في العراق والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، واعتبروا نهجه "محكوما عليه بالفشل".

 

في 2007، تم تعيين بلير مبعوثا للجنة الرباعية الدولية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا، الولايات المتحدة) بهدف دعم بناء الاقتصاد الفلسطيني. لكنه لم يكن محبوبا في الضفة الغربية بسبب مواقفه المؤيدة لإسرائيل.

 

أمضى 8 سنوات في هذا المنصب قبل أن يستقيل في 2015 بعد تعثر المفاوضات وتلاشي آمال حل الدولتين. آنذاك، صرح نبيل شعث أن دوره اقتصر على مطالب "صغيرة" مثل إزالة بعض الحواجز، بينما وصفه مصطفى البرغوثي بأنه "رجل فقد مصداقيته" بعد ادعائه بوجود أسلحة دمار شامل في العراق.

 

اليوم، يعود بلير إلى دائرة الضوء كمرشح لرئاسة هيئة إعادة إعمار غزة في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

بلير يدير "معهد التغيير العالمي" الذي عمل على سيناريوهات "اليوم التالي" لغزة بالتعاون مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهو ما أثار جدلا واسعا بعد تقارير عن دراسات تشمل دفع أموال للفلسطينيين لمغادرة أراضيهم، الأمر الذي نفاه المعهد بشدة.

 

وفي غشت الماضي، التقى بلير بالبيت الأبيض مع جاريد كوشنر وستيف ويتكوف لمناقشة خطط إعادة الإعمار. علاقاته الوثيقة مع إدارة ترامب والإمارات، إلى جانب احترامه الكبير في إسرائيل، تجعله مرشحا "مناسبا" بنظر البعض، رغم أنه نادراً ما زار غزة.

 

حركة حماس أعلنت عبر عضو مكتبها السياسي حسام بدران أن بلير "شخصية غير مرغوب فيها" واتهمته بـ"الدور التدميري منذ حرب العراق". في المقابل، رحب بلير بخطة ترامب للسلام واعتبرها "جريئة وذكية"، مؤكداً أنها قد تضمن "مستقبلا أفضل لغزة وأمناً مطلقاً لإسرائيل".

 

رغم الانتقادات، يجمع المراقبون على أن بلير يتمتع بذكاء سياسي وقدرة على فهم التفاصيل المعقدة. وهو ما سيحتاجه إذا أراد أن ينجح في مهمته الجديدة، وسط واقع سياسي شديد الانقسام وشكوك فلسطينية عميقة تجاه دوره.

اترك تعليقاً