تراجع السياحة في نيويورك في ظل التوترات الجيو-سياسية والحرب التجارية


تراجع السياحة في نيويورك في ظل التوترات الجيو-سياسية والحرب التجارية
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      ذاع صيت مدينة نيويورك باعتبارها الوجهة السياحية الأولى في الولايات المتحدة، لدرجة أن هذا القطاع أضحى صناعة تستقطب ملايين الزوار سنويا، وتدر عائدا اقتصاديا تقدر قيمته ب 79 مليار دولار.

هذه الصناعة، التي تراهن، أساسا، على تنوع معالم مدينة وولاية نيويورك، والحياة الثقافية والفنية النابضة، تضررت بشكل كبير جراء الأزمة الصحية لجائحة كوفيد-19، إذ تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن هذه الفترة كلفت الحاضرة الأمريكية العملاقة أزيد من 10 ملايير دولار من حجم النشاط الاقتصادي المرتبط بالأسفار والسياحة.

فعقب هذه الفترة العصيبة، التي استمرت لأزيد من سنتين، بدأت نيويورك في التعافي، لاسيما في سنة 2024، إذ زار المدينة حوالي 65 مليون شخص، بزيادة 3.5 في المائة، مقارنة ب 2023. وترى السلطات المختصة في نيويورك أن هذا التوجه يرتقب أن يتواصل، خلال 2025، ليتجاوز عدد السياح الذين استقبلتهم في عام 2019، قبل تفشي الوباء، البالغ 66.6 مليون سائح.

باتت هذه التوقعات قاتمة بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي والمالي المترتبة عن التوترات الجيو-سياسية الراهن التي يشهدها العالم، هذا الوضع تفاقم بسبب حزمة الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس، دونالد ترامب، على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

فقد أوردت صحيفة (نيويورك بوست)، نقلا عن خبراء، أن السياحة في نيويورك تنذر بالانهيار، مع "تعرض المسافرين لصدمة هبوط أسواق الأسهم وتصاعد التوترات الجيو-سياسية"، مسجلة أن الحروب التجارية و"المتاعب" على الحدود الأمريكية بالنسبة للمسافرين الأجانب بدأت في التأثير على القطاع الذي يوظف أكثر من 300 ألف شخص.

وحسب شركة (كوستار)، المتخصصة في تتبع أحدث بيانات القطاع، لم يتم، في بداية أبريل، حجز سوى 22.5 في المائة من غرف الفنادق لشهر يوليوز، بانخفاض ملحوظ بنسبة 11.5 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وينطبق الأمر ذاته على حجوزات أشهر أكتوبر ونونبر ودجنبر، التي شهدت تراجعا بنسب 20.6 و19 و19 في المائة، على التوالي.

وتراجع عدد السياح الأجانب الوافدين عبر الجو إلى الولايات المتحدة ومدينة نيويورك بحوالي 10 في المائة في مارس، وفقا لمعطيات إدارة التجارة الدولية. هذا المعطى دفع غرفة التجارة في مانهاتن إلى إصدار بيان أعربت فيه عن قلقها إزاء تراجع السياحة الدولية وتأثيرها على الصناعات المحلية، داعية إدارة ترامب إلى إعادة النظر في قراراتها.

وفي تقرير، صدر في مارس الماضي، أبرز خبيران اقتصاديان لدى (غولدمان ساكس) أن "إعلانات الرسوم الجمركية الأمريكية والموقف الأكثر تشددا إزاء الحلفاء التاريخيين لأمريكا أثرا سلبا على الرأي العالمي بشأن الولايات المتحدة".

وفي فبراير الماضي، أشارت معطيات فدرالية أوردتها وسائل الإعلام إلى تراجع عدد الزوار الدوليين للولايات المتحدة بنسبة 2.4 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.

ويتطرق موقع "غوثاميست" النيويوركي إلى حالة كندا، التي تجتاز علاقاتها مع الولايات المتحدة مرحلة عصيبة على خلفية الرسوم الجمركية التي فرضها البيت الأبيض وتصريحات الرئيس ترامب الداعية إلى أن تصبح الدولة الواقعة شمال أمريكا الولاية الأمريكية ال 51.

وفي مؤشر على تدهور هذه العلاقات، انخفضت أعداد السياح الكنديين الذين يزورون الولايات المتحدة، وخاصة نيويورك، وإنه "من غير المستغرب أن نشهد انخفاضا ملحوظا في عدد الزوار من إحدى أكبر أسواقنا، كندا".

في سنة 2024، بلغ عدد الزوار الأجانب إلى نيويورك حوالي 13 مليون زائر، من بينهم قرابة مليون زائر من كندا، وهو ما يمثل ثاني أكبر مجموعة من السياح الدوليين بعد البريطانيين.

وفي ظل هذه الظرفية المتسمة بعدم اليقين، يراهن مهنيو هذا القطاع الرئيسي بالنسبة لاقتصاد نيويورك على السياحة المحلية للتعويض، ولو جزئيا، عن تراجع أعداد السياح الأجانب، وخاصة الكنديين والأوروبيين.

أما بالنسبة لخبراء آخرين، في هذا المجال، فمن السابق لأوانه تقييم تأثير الظرفية الجيوسياسية الراهنة على السياحة في نيويورك والولايات المتحدة، لاسيما وأن المعطى يمكن أن يتغير في أي وقت، بما في ذلك اختيارات المستهلكين وقراراتهم.

اترك تعليقاً