الفقه العملي المغربي بين الفتوى والتشريع والقضاء محور يوم دراسي بالرباط


الفقه العملي المغربي بين الفتوى والتشريع والقضاء محور يوم دراسي بالرباط صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - و.م.ع

          شكل موضوع "الفقه العملي بالمغرب خصائصه ومجالاته: الفتوى، التشريع، القضاء" محور يوم دراسي نظمته مؤسسة دار الحديث الحسنية اليوم الأربعاء بالرباط، بمشاركة نخبة من الفقهاء والقضاة والأساتذة والباحثين من داخل المغرب وخارجه، في إطار جهود المؤسسة الرامية إلى إعادة تأصيل الفقه المالكي واستثمار مضامينه في العصر الراهن.

 

ويهدف هذا اللقاء العلمي إلى فتح أوراش بحثية تغطي مجالات الفقه العملي من حيث مناهجه وآليات اشتغاله، إضافة إلى بحث سبل تفاعله مع المجتمع والمؤسسات، واستكشاف إمكانات تطويره للمساهمة في تجديد الدرس الفقهي الأكاديمي وإغناء المدونة التشريعية الوطنية، بما يتماشى مع واقع المجتمع المغربي وتحت مظلة إمارة المؤمنين.

 

في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أكد عبد الحميد عشاق، مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية، أن اللقاء يسعى إلى بلورة رؤية أكاديمية جديدة للفقه العملي المغربي الذي يشكل مكونا أصيلا في المدرسة المالكية المغربية، مبرزا أهمية استقراء فتاوى وأقضية فقهاء المغرب قديما وحديثا لاستعادة نمط فقهي بصير بمناط الأحكام الشرعية.

 وشدد عشاق على أن هذا المسعى لا يمكن أن يتحقق إلا بتبني منهجية علمية دقيقة تعتمد على التعليل والاستدلال ونشدان المصلحة، وهي منهجية ميزت المذهب المالكي منذ نشأته.

 

وأشار إلى أن هذا المذهب تميز بتركيزه على الواقع المعاش أكثر من المسائل الافتراضية، ما منح فقهاءه قدرة متفردة في معالجة النوازل والوقائع اليومية، وتقديم حلول عملية في مجالات القضاء والتوثيق والمعاملات، مما جعلهم مرجعا فقهيا غنيا ومتنوعا في أصوله وتنزيلاته.

 

بدوره، أوضح الطيب المنور، أستاذ الفقه بالمؤسسة ذاتها، أن الفقه العملي المالكي أسس لوعي ديني راسخ في الوجدان المغربي، وجعل من فتاوى العلماء مرجعا مقبولا لدى فئات المجتمع كافة. ولفت إلى أن من خصوصيات الفقه المغربي ارتباطه الوثيق بالمؤسسة العلمية التقليدية، وانبثاقه من رحم الواقع الاجتماعي المغربي، ما جعله يحظى بثقة الناس واحترامهم.

 

وأبرز المنور أن هذا اليوم الدراسي يأتي استمرارا لجهود دار الحديث الحسنية في إعادة الاعتبار للفقه العملي، وخلق جسر متين بين النسق الشرعي والنسق القانوني المغربي، بما يعزز من حضور المرجعية الإسلامية داخل المنظومة القانونية ويعيد إحياء تقاليد علماء القرويين في الفتوى والقضاء، ويواكب في الآن ذاته روح النصوص الوضعية المؤطرة للنظام العام.

 

وانصبت أشغال اللقاء العلمي حول ثلاث قضايا كبرى، تمثلت في الفتوى المغربية في قضايا الفقه العملي مثل الأسرة والميراث والوصايا والتنزيل والوقف، والتشريع المغربي المستمد من الفقه المالكي كما هو الحال في مدونة الأسرة ومدونة الأوقاف والمالية التشاركية وغيرها، فضلا عن الاجتهاد القضائي الذي يجسد تنزيل هذا الفقه في الواقع من خلال معالجة قضايا الحقوق العينية والمعاملات والميراث وغيرها من النوازل.

 

ويمثل هذا اليوم الدراسي محطة علمية نوعية في مسار تجديد الفقه المالكي المغربي وتعزيز حضوره في الساحة الأكاديمية والقانونية، بما يؤكد على استمرار الدينامية العلمية التي تعرفها المؤسسات الشرعية في المغرب تحت رعاية إمارة المؤمنين.

اترك تعليقاً