العلاقات المغربية-الصينية تدخل مرحلة من الرسوخ بعد توقيع لحوار استراتيجي بين وزارتي خارجية البلدين

قطعت العلاقات الصينية-المغربية مرحلة جديدة من التعاون المعزز بعد إرساء، يوم أمس الجمعة ببكين، لحوار استراتيجي بين وزارتي الشؤون الخارجية للبلدين.
وتشكل مذكرة التفاهم التي ترسي آلية الحوار الاستراتيجي بين الوزارتين، والتي وقعها كل من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونظيره الصيني، وانغ يي، لبنة جديدة في مسار تعزيز العلاقات الثنائية التي تربط البلدين الصديقين والشريكين الاستراتيجيين.
وتأتي هذه الآلية المؤسساتية لتعميق العلاقات الصينية-المغربية التي تشهد تصاعدا مطردا، منذ الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إلى بكين في ماي 2016.
وقد شكلت هذه الزيارة نقطة تحول في هذه العلاقات، حيث تمخضت عنها شراكة استراتيجية شاملة تجسدت من خلال التوقيع على 13 اتفاقية تغطي مجالات متنوعة كالاقتصاد، والصناعة، والفلاحة، والطاقة، والتعاون الثقافي.
ومن بين الإنجازات الملموسة لهذه الزيارة الملكية، إطلاق "مدينة محمد السادس طنجة تيك"، المشروع الطموح لمدينة صناعية وذكية، وإلغاء التأشيرة للمواطنين الصينيين الراغبين في زيارة المملكة.
هذان القراران الرئيسيان يجسدان، تماما، الرؤية الاستراتيجية للشراكة الصينية-المغربية: فمن جهة، تعزز "مدينة محمد السادس طنجة تيك" استقبال الاستثمارات الصينية من خلال توفيرها لبنية تحتية عصرية ومندمجة تتيح الإحداث المستدام للمقاولات الصينية بالمغرب.
ومن جهة أخرى، من شأن إلغاء التأشيرة بالنسبة للصينيين أن يعزز، بشكل كبير، التبادل الثقافي والإنساني بين الشعبين، من خلال تسهيلها ليس، فقط، للسياحة، بل، أيضا، للقاءات الأكاديمية والمهنية والشخصية التي تنسج علاقات عميقة ومتينة.
وقد تجلت صلابة هذه الشراكة الاستراتيجية، خاصة، خلال مرحلة كوفيد-19، حيث أبان التعاون الصيني-المغربي عن طابعه النموذجي.
وهكذا، فقد كان المغرب من أوائل البلدان الإفريقية التي تلقت لقاحات "سينوفارم"، والتي مكنت من إطلاق حملة تلقيح مكثفة جعلت المملكة ضمن البلدان الرائدة عالميا في مجال التغطية اللقاحية.
وكانت الزيارة التي قام بها فخامة السيد شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، إلى الدار البيضاء يومي 21 و22 نونبر 2024، والتي استقبله، خلالها، صاحب السمو الملكي، ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بتعليمات سامية من صاحب الجلالة، الملك محمد السادس، قد جددت التأكيد مرة أخرى على الإرادة المشتركة في الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستويات أعلى.
هذه الإرادة السياسية المشتركة سرعان ما أثمرت مشاريع صناعية كبرى، على غرار المصنع الضخم للبطاريات بالقنيطرة الذي شرعت في بنائه شركة "غوشن هاي تيك" (Gotion High Tech) بغلاف مالي يصل إلى 3ر1 مليار دولار، ومن المنتظر البدء في تشغيله سنة 2026.
ويمتد التعاون الصيني-المغربي، أيضا، إلى القطاع السياحي، حيث يطمح المغرب إلى استقطاب ما يقارب مليون سائح صيني، في أفق سنة 2030، وهو الهدف الذي تعزز من خلال إطلاق، هذه السنة، خطين جويين مباشرين بين البلدين من طرف شركة الخطوط الملكية المغربية (الدار البيضاء-بكين) وشركة "تشاينا إيسترن إيرلاينز" (الدار البيضاء-شنغهاي).
وتعد الصين اليوم 3 أكبر بلد مستثمر بالمغرب، بتدفق صاف للاستثمارات الأجنبية المباشرة تجاوز ملياري دولار سنة 2024، تهم قطاعات دقيقة من قبيل صناعة السيارات، والطاقات المتجددة، والنسيج، والصناعات الخضراء.
وهكذا، فإن من شأن إرساء حوار استراتيجي بين وزارتي الشؤون الخارجية في البلدين أن يضفي الطابع الرسمي على رؤية مستقبلية مشتركة تعزز أسس التعاون الصيني-المغربي القائم على التضامن والثقة والاحترام المتبادلين.
