نظارات الواقع المختلط تعيد رسم المشهد لمن يعانون العمى الجزئي

في السنوات الأخيرة، بات الأمل يطل من جديد على من حرموا نعمة البصر، مع توالي الابتكارات الطبية والتكنولوجية التي تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والنور.
فبعد العقود التي ركزت فيها الأبحاث على علاجات العيون التقليدية مثل الجينات والخلايا الشبكية والقرنيات الاصطناعية، جاء الدور الآن على الدماغ نفسه، الذي يتحكم في كيفية استقبالنا للعالم من حولنا.
فقد أثبتت دراسات حديثة أن إصابات الدماغ قد تكون وراء حالات من "العمى النصفي" أو "العمى الجزئي"، وهي مشكلات طالما عجز الطب عن التعامل معها بشكل فعال، تاركا المرضى في مواجهة العزلة والخوف من ممارسة حياتهم اليومية.
لكن هذا الواقع بدأ يتغير بفضل قفزة تكنولوجية جديدة تمثلت في نظارات الواقع المختلط جهاز ذكي يرتديه المريض على رأسه، يعمل على معالجة المشهد أمامه رقميا في الوقت الحقيقي، ليعيد إليه الإحساس الكامل بالبيئة من حوله.
الدراسة التي نشرتها مجلة طب العيون العصبي في أميركا الشمالية كشفت أن أكثر من 70% من المشاركين شعروا بتحسن كبير في قدرتهم على الرؤية، إذ تقوم النظارة بإعادة بناء الجزء المفقود من مجال الإبصار ودمجه مع الجزء السليم، لتكون صورة بصرية متكاملة حتى وإن كانت مصغرة قليلا.
هذه التقنية سمحت للمصابين، خاصة ممن يعانون من العمى النصفي، بالمشي بثقة أكبر، وتفادي العوائق التي كانت تمثل خطرا دائما عليهم.
ولا يقتصر الابتكار على الرؤية فحسب، بل يمتد إلى إعادة تأهيل الدماغ نفسه، إذ يعتمد على دمج تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز لمعالجة الصور بشكل لحظي، ما يساعد الدماغ على "إعادة تعلم" كيفية تفسير الإشارات البصرية.
ويؤكد الباحثون الكنديون المشاركون في تطوير هذه التكنولوجيا أنهم يعتزمون إتاحة نتائج أبحاثهم مجانا لتشجيع الشركات على تبنيها وتحويلها إلى منتج تجاري يخدم المرضى حول العالم.
وبحسب بيانات من جامعة بنسلفانيا، يعاني معظم الناجين من السكتات الدماغية من اضطرابات بصرية متفاوتة الشدة، لا يتعافى منها إلا جزء محدود.
ومن هنا، تأتي أهمية هذا الابتكار الذي قد يحدث ثورة في مرحلة إعادة التأهيل البصري، ويعيد لملايين المرضى حول العالم جزءا من استقلالهم المفقود.