ميناء الداخلة الأطلسي ورش ملكي في خدمة الربط بين القارات
على بعد حوالي أربعين كيلومترا شمال مدينة الداخلة، بين الصحراء والمحيط، يتراءى ميناء الداخلة الأطلسي بشكله المهيب والمتطلع نحو المستقبل. ويجسد هذا المشروع الملكي، الذي يعد من بين مشاريع البنية التحتية الأكثر طموحا التي يتم تنفيذها في الأقاليم الجنوبية ، الإرادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في ترسيخ المملكة ضمن دينامية قارية قائمة على الاندماج والازدهار المشترك والانفتاح الاستراتيجي.
يعكس تصميمه رؤية مستقبلية تتمثل في جعل المغرب قطبا بحريا لاغنى عنه، مرتبطا بالطرق البحرية التجارية، والطاقية العالمية الكبرى.
أكدت مديرة تهئية هذا الميناء ، أن "هذا المشروع الضخم ينسجم تماما مع الرؤية
الملكية لتنمية الواجهة الأطلسية للمملكة وتعزيز روابط التعاون مع الدول
الإفريقية".
وأن نسبة التقدم الإجمالي تبلغ حاليا نحو 40 بالمائة، مسلطة
الضوء على ركيزتين أساسيتين في المشروع، وهما الأشغال البحرية التي تشمل السدود
والأرصفة والمنصات، بالإضافة إلى جسر بحري بطول 1.3 كيلومتر، يهدف، بشكل ناجع، إلى
ربط الميناء بالساحل وقد تم إنجاز 85 بالمائة من أشغاله.
كما أن المشروع يتقدم بخطى ثابتة، مشيرة إلى أنه تم إنتاج أكثر من 125 ألف من
القوالب المكعبة، وهو ما يمثل أكثر من نصف العناصر المتوقعة لحماية السواحل. وتتم
عمليات الردم وتجهيز كتل الأرصفة والتهيئة التقنية وفق جدول زمني محدد، تحت رقابة
صارمة لنظام الجودة الذي يستجيب لأكثر المعايير الدولية صرامة.
وذلك باستثمار إجمالي يناهز 12,65 مليار درهم، و بتصميم لاستيعاب حركة مرور سنوية
تصل إلى 35 مليون طن، مع منصة قادرة على التعامل مع البضائع السائبة السائلة،
والبضائع السائبة الصلبة والحاويات (ما يصل إلى مليون حاوية نمطية)، بالإضافة إلى
الأنشطة المرتبطة بالصيد وإصلاح السفن. ومن المتوقع أيضا أن يلعب الميناء دورا
رائدا في تصدير الهيدروجين الأخضر، وخاصة في شكل الأمونيا، بما يتماشى مع طموحات
المملكة فيما يتعلق بالانتقال في مجال الطاقة.
ويهدف المشروع الملكي إلى أن يكون بمثابة عامل تسريع للتنمية المحلية. و لقد تم
بالفعل خلق أكثر من 2500 فرصة عمل مباشرة، وسيتم توفير عدة آلاف أخرى، وذلك بفضل
المنظومة الاقتصادية التي يتم إحداثها على مستوى الميناء. كما يتم تهيئة منطقة
صناعية ولوجستية مندمجة بمساحة 1650 هكتار ا، مخصصة لاستيعاب المشاريع المبتكرة في
مجالات الفلاحة الصناعية والطاقات المتجددة وتحويل المنتجات السمكية ومواد البناء.
وفي الوقت الذي يتواصل فيه العمل بكل جدية وطموح، يكرس ميناء الداخلة الأطلسي نفسه
كبنية تحتية استراتيجية رائدة، مدعوة إلى إعادة رسم الخريطة الاقتصادية لجنوب
المملكة.
بل ويعد رمزا لرؤية ملكية جريئة وشاملة، وهو يجسد التزام المغرب بالعمل من أجل
مستقبل مترابط ومرن ومندمج بشكل كامل ضمن محيطه الأفريقي والدولي.