خطأ استراتيجي جزائري: محاولة تبون منافسة مبادرة المغرب بشأن الساحل

اغتنم الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، فرصة انعقاد الدورة ال 4 للمعرض التجاري الإفريقي البيني في الجزائر العاصمة، ليعلن أن الموانئ الجزائرية قد تصبح قريبا ممرات سريعة للدول الإفريقية غير الساحلية.
وزعم أنه "من الممكن أن تصل البضائع إلى الموانئ الجزائرية، ثم تنقل في غضون 24 ساعة، فقط، بالقطار".
يأتي حماس الجزائر المفاجئ للتجارة الإفريقية متأخرا بسنوات: فعلى مدى عقود، كافحت الجزائر للحفاظ على علاقات جادة مع دول الساحل، لكنها تسعى، الآن، إلى منافسة المغرب، الذي نجح، بالفعل، في إبرام شراكات ووضع خططا مهيكلة.
وقد سبق المغرب في هذا المجال بإطلاقه مبادرة مهيكلة، في نونبر 2023، لمنح دول الساحل منفذا على المحيط الأطلسي، إذ بحلول دجنبر، انضمت مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، رسميا، إلى المشروع، مع استمرار المشاورات على مستوى الخبراء لضمان التقدم العملي.
وتتمتع مبادرة المغرب بشركاء حقيقيين، وجداول زمنية محددة، ومصداقية حقيقية، وهي صفات تفتقر إليها خطة الجزائر حاليا.
ويعد ميناء الداخلة الأطلسي في أقاليمنا الجنوبية محور خطة المغرب، حيث يمتد على مساحة 1650 هكتارا، ومن المتوقع افتتاحه أواخر عام 2028، حيث سيربط موانئ غرب إفريقيا الرئيسية بمينائي طنجة والدار البيضاء، مدعوما بممر بري بطول 2200 كيلومتر يربط مالي وواغادوغو ونيامي ونجامينا.
ففي أبريل، التقت بوركينا فاسو ومالي والنيجر - أعضاء تحالف دول الساحل - بالملك محمد السادس في الرباط لتأكيد التزامهم بتسريع المشروع، وشدد المسؤولون على أهمية دعم المغرب في ظل ضغوط إقليمية، واصفين المبادرة بأنها بوابة إلى البحر وخطوة نحو تحول اقتصادي واسع النطاق.
كما يعزز المشروع موقف المغرب تجاه الجزائر، التي يتهمها تحالف الساحل بالتدخل والقيام بأعمال مزعزعة للاستقرار، بما في ذلك إسقاط طائرة مسيرة تابعة للجيش المالي، مما دفع إلى استدعاء سفرائها من الجزائر.
لذا، يبدو إعلان الجزائر الأخير أقرب إلى الصورة البصرية منه إلى التنمية الإقليمية، فتوترها التاريخي مع دول الساحل يقوض مصداقيتها، محولا تصريحاتها الرنانة إلى مسرحية سياسية.
فإذا كان الهدف هو منافسة نفوذ المغرب، فإن نهج الجزائر يُنظر إليه على أنه رد فعل لا استراتيجي متأخر يلوح بعلم في سباقٍ بدأ بالفعل: وبينما يحول المغرب خططه بثبات إلى أفعال، تخاطر الجزائر بأن تبدو كدولة مفتونة بالعناوين الرئيسية لا بالنتائج.
في الوقت الحالي، قد تثير رؤية تبون للساحل حماس الجماهير في الجزائر، ولكن بعيدا عن الخطاب، يبقى السؤال: هل تستطيع الجزائر تحويل وعودها النبيلة إلى أكثر من مجرد لحظة عابرة من الاستعراض السياسي؟