العواصف الجافة ظاهرة نادرة تزداد خطورتها مع تغير المناخ


العواصف الجافة ظاهرة نادرة تزداد خطورتها مع تغير المناخ صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

       تشهد مناطق عدة حول العالم، ولا سيما في مواسم الحر الشديد، ظاهرة جوية خطيرة تعرف بـ"العواصف الجافة"، وهي عواصف رعدية ذات نشاط كهربائي مكثف، لكنها تخلو تقريبا من الأمطار التي تصل إلى سطح الأرض. هذه الظاهرة، رغم ندرتها، أصبحت سببا رئيسيا في اندلاع حرائق الغابات على نطاق واسع، مدفوعة بارتفاع درجات الحرارة وتفاقم آثار تغير المناخ.

 

تتسم العواصف الجافة بوجود برق ورعد شديدين، مع غياب شبه تام للأمطار، إذ تتبخر قطرات الماء أو حبات البرد أثناء سقوطها بفعل عبورها طبقات من الهواء الحار والجاف في المستويات المنخفضة والمتوسطة من الغلاف الجوي.

 ومن أبرز مظاهرها المرئية "الفيرجا" أو "المطر الشبح"، وهي خطوط من الأمطار المعلقة أسفل السحب تختفي قبل ملامسة الأرض.

 

ورغم خلوها من الهطول، فإن هذه العواصف غالبًا ما تصحبها رياح قوية قد تتجاوز سرعتها 100 كيلومتر في الساعة، وهو ما يجعلها قادرة على إحداث أضرار مباشرة وإشعال الحرائق أو تسريع انتشارها.

 

لا يأتي تزامن العواصف الجافة مع موجات الحر صدفة، بل هو نتيجة تفاعل مناخي معقد.

 فالحرارة المرتفعة تخلق حالة من عدم الاستقرار الجوي، وتزيد احتمالية تشكل السحب الرعدية، في حين يجف الغطاء النباتي بفعل نقص الرطوبة، مما يجعله جاهزا للاشتعال بمجرد ضربة برق واحدة.

 

وفي بعض الحالات القصوى، تؤدي هذه العواصف إلى "هبوطات دافئة"  تيارات هوائية تهبط بسرعة وتسخن بفعل الضغط  مسببة ارتفاعا حادا في درجات الحرارة قد يتجاوز 10 درجات مئوية في دقائق معدودة، مع رياح عاصفة تزيد خطر الحرائق.

 

البرق الجاف هو الخطر الأكبر في هذه الظاهرة، إذ يضرب الأرض دون أن تتبعه أمطار تطفئ الشرر. كما تشكل الرياح الهابطة العنيفة  سواء كانت باردة أو دافئة عاملا إضافيا في تسريع انتشار النيران، فضلا عن قدرتها على إسقاط الأشجار وإلحاق الضرر بالبنية التحتية.

 

وتتضاعف الأضرار البيئية والصحية عندما تتسبب الرياح في إثارة الغبار والرمال، مكونة عواصف ترابية تقلل الرؤية وتحمل جزيئات ضارة، بينما ينشر دخان الحرائق جزيئات دقيقة لمسافات قد تصل إلى مئات الكيلومترات، مهددًا جودة الهواء حتى في مناطق بعيدة.

 

من أبرز الأمثلة التاريخية على خطورة هذه الظاهرة ما وقع في إقليم فالنسيا الإسباني عام 1979، حين تزامنت موجة حر شديدة مع صاعقة جافة في منطقة أيورا-إنخويرا، ما أسفر عن اندلاع حريق ضخم التهم نحو 44 ألف هكتار من الغابات.

 

مع استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري، ترتفع قدرة الغلاف الجوي على الاحتفاظ ببخار الماء، ما يؤدي إلى زيادة التبخر في بعض المناطق وتعزيز الظروف المواتية لحدوث العواصف الجافة.

 وتشير التوقعات إلى أن هذه الظاهرة قد تصبح مشهدا صيفيا متكررا في مناطق عدة، خاصة حوض البحر المتوسط، ما يجعلها تحديا متصاعدا أمام جهود الوقاية من الحرائق وحماية النظم البيئية.

اترك تعليقاً