الحرب الصينية الأوروبية حول التجارة الإلكترونية


الحرب الصينية الأوروبية حول التجارة الإلكترونية
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

       قررت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي فتح تحقيق ضد شركة التجارة الإلكترونية الصينية العملاقة "علي اكسبريس"، وهي فرع من مجموعة "علي بابا"، للتحقق مما إذا كانت الشركة قد انتهكت القانون الأوربي حول التجارة عبر الأنترنت. خير يبدو عاديا احترازيا لكن أن تتخذ دول تدابير ضد منصات التجارة الإلكترونية الصينية. مثل ألمانيا حسب وسائل الإعلام  فهذا ما يراه المحللون شكلا جديدا من أشكال الحرب التجارية بين الصين والعالم الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم.

وذلك للشبهة في أن "علي بابا" التي أسسها جاك ما سنة 1999 أو أمازون الصينية، لم تحترما التزاماتها في مجال مكافحة بيع "المنتجات الخطرة مثل الأدوية المزيفة". وتأتي هذه التقارير بعد أيام من إعلان بكين تهديدها بالتحقيق مع العمالقة الأوربيين للمشروبات.

وبدأت الإشارة في الأوساط الصينية أنها "الرغبة الغربية" في فرملة التوسع التجاري للصين ، إذ منذ  بداية جائحة كوفيد-19، عرفت منصات التجارة الإلكترونية الصينية ارتفاعا سريعا، مستفيدة من الاقبال غير المسبوق للتسوق عبر الانترنت في أوروبا والولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، عززت المنصات الصينية مكانتها الدولية بفضل العرض المتنوع ومنخفض السعر الذي لم يفشل في جذب المستهلكين من جميع أنحاء العالم، وخاصة في الغرب.

وفي جميع أنحاء العالم، بدأ الجميع يتحدث عن الصين ليس فقط باعتبارها "مصنع العالم"، ولكن أيضا باعتبارها "مركز التسوق" العالمي.
ومنذ عدة سنوات، ظلت الصين تعتبر أول سوق عالمي للتجارة الإلكترونية. وفي سنة 2020، بلغ رقم أعمال مبيعاتها عبر الإنترنت 2,29 تريليون دولار، مع توقعات بأكثر من 3,56 تريليون دولار لسنة 2024.
وفي سنة 2021، أصبح البلد أكبر سوق للتجارة الإلكترونية، مع إيرادات تقدر بحوالي 1,5 تريليون دولار، متفوقا على الولايات المتحدة.
ودفع هذا الارتفاع في عدد الفاعلين في التجارة الإلكترونية الصينية العابرة للحدود، العديد من الدول الغربية، بما في ذلك فرنسا، لاتخاذ تدابير لحماية منظومة البيع بالتجزئة، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تضطلع بدور حيوي في احداث فرص الشغل.

لكن بالموازاة مع ذلك، أجريت تحقيقات في الولايات المتحدة ضد شركات التجارة الإلكترونية الصينية بتهمة "التهرب الضريبي"، في الوقت الذي أشارت فيه وسائل الاعلام الأمريكية، ومن بينها صحيفة الواشنطن بوست إلى أن "تدفق الواردات الصينية يعيد إشعال التوترات التجارية ويهدد الوظائف في الولايات المتحدة".

وتأتي المواجهة الجديدة حول التجارة الإلكترونية في وقت يبدو فيه أن التوتر يعود مرة أخرى ليخيم على العلاقات بين الصين ومنافستها الولايات المتحدة.
فقد أشار السفير الأميركي لدى بكين، نيكولاس بيرنز، يوم الجمعة الماضي إلى هذا التوتر عندما قال خلال ندوة افتراضية نظمها مركز الشرق والغرب، وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة، إن العلاقة بين بكين وواشنطن لا تزال تتسم بالمنافسة المتزايدة. وشدد على أن البلدين سيظلان "منافسين نظاميين" خلال العقد المقبل.
وعلى المستوى الجيوستراتيجي، أشار الدبلوماسي الأمريكي إلى أن الولايات المتحدة تعمل على تعزيز منطقة المحيطين الهندي والهادئ على المستويات الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية. وهي قضية تتابعها الصين بتوجس وقلق بحسب المحللين.

ويبدو أن تعليقات الدبلوماسي الأمريكي قد أثارت غضب بكين، حيث أعربت وزارة الخارجية الصينية عن معارضتها لخروج بيرنز.

وأشار لين جيان، الذي انضم مؤخرا لفريق المتحدثين باسم الوزارة، إلى أن تصريحات السفير الأمريكي تمثل "انحرافا" عن التوافق الذي توصل إليه الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي جو بايدن، خلال القمة التي عقدت في نونبر 2023 في سان فرانسيسكو. وأنها "ليس من شأنها المساعدة في استقرار العلاقات بين البلدين، معربا عن أمله في رؤية واشنطن وبكين يعملان في نفس الاتجاه لتعزيز علاقات "مستقرة وسليمة ومستدامة".

مع العلم أن العلاقات بين بكين وواشنطن مرت  بفترة من التوتر سنة 2023، وذلك بسبب النزاعات التجارية والتنافس الجيوستراتيجي.
وأدى تحليق منطاد صيني فوق الأراضي الأمريكية في فبراير 2023 إلى تأجيج هذا التوتر الذي اقتراب من المواجهة المباشرة بين البلدين، لا سيما بشأن تايوان. ونددت واشنطن بـ"عملية التجسس"، وهو ما نفته الصين بشكل قاطع.

لكن على الرغم من هذا التوتر، تبادل البلدان زيارات رفيعة المستوى، بما في ذلك قمة نونبر الماضي بين الرئيسين شي وبايدن.

اترك تعليقاً