التبوريدة تتوهج في صيف المهرجانات وتجدد ارتباط المغاربة بتراثهم العريق


التبوريدة تتوهج في صيف المهرجانات وتجدد ارتباط المغاربة بتراثهم العريق صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

         يشهد إقليم تارودانت، مع حلول فصل الصيف، إقبالا متزايدا من السكان والزوار على عروض "التبوريدة" أو الفروسية التقليدية، التي تحولت إلى مكوّن أساسي في المهرجانات والمواسم المحلية، باعتبارها فناً فرجويا غنيا بالرموز والدلالات الثقافية والتاريخية.

 

ويعد فن التبوريدة من أبرز التعبيرات التراثية بالمغرب، حيث يعكس ارتباط المغاربة العميق بهويتهم الثقافية وتقاليدهم الأصيلة. ويمارس هذا الفن خلال المناسبات الوطنية والدينية، من خلال عروض جماعية تقدمها فرق "السربات"، وتُظهر تناغماً دقيقاً بين الفارس وفرسه، في لحظة مبهرة تتوّج بإطلاق جماعي للبارود.

 

في هذا السياق، ينظم سنويا الملتقى الصيفي للتبوريدة بتارودانت، بمبادرة من جمعية مهرجان التبوريدة وإحياء التراث الروداني، وبدعم من جماعة تارودانت، وعمالة الإقليم، وجهة سوس ماسة، وعدة شركاء اقتصاديين، بهدف تثمين هذا التراث الوطني وإبراز أبعاده الثقافية والاجتماعية والروحية.

 

يتكون عرض التبوريدة من طقوس دقيقة تبدأ باصطفاف الفرسان تحت قيادة "المقدم"، الذي يوجه "السربة" وينسق الأداء، لتنطلق الخيول في سباق جماعي منسجم، ينتهي بإطلاق طلقة نارية موحدة من البنادق التقليدية، فيما يعرف بـ"الهدة"، وهي لحظة ذروة العرض التي تُظهر مدى التناغم والانضباط الجماعي.

 

وتتشكل السربة عادة من 14 فارسا، يرتدون الزي التقليدي المغربي، ويتسلحون بـ"المكاحل" المنقوشة، فيما تجهز الخيول بعناية فائقة باستخدام أقمشة وزخارف تراثية تضفي على العرض جمالية استثنائية.

 

وأوضح عبد العزيز أيت أونجار، رئيس جمعية "نواصي الخير للفروسية التقليدية"، أن التبوريدة ليست مجرد فن استعراضي، بل تمثل موروثا روحيا عميقا، مشيرا إلى أن العرض يبدأ دائما بـ"وقفة دعاء"، تعبر عن التوسل إلى الله طلباً للبركة والسلامة.

 

وأكد أيت أونجار أن إقليم تارودانت يزخر بطاقات شابة متمرسة في هذا الفن، تسعى للحفاظ على التقاليد وتطوير الأداء، مشيراً إلى أهمية المواسم والمهرجانات في ضمان استمرارية هذا التراث ونقله إلى الأجيال القادمة.

 

وتعد تارودانت من المناطق التاريخية في مجال الفروسية التقليدية، حيث تحتضن سنويا تظاهرات متعددة تسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية وتثمين الرأسمال الثقافي المحلي.

 

الجدير بالذكر أن فن التبوريدة تم إدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية من قبل منظمة اليونسكو في ديسمبر 2021، في خطوة تعكس الاعتراف الدولي بقيمته الرمزية والفنية، وتجسّده كصورة حية للفروسية المغربية والهوية الجماعية الأصيلة.

اترك تعليقاً