الاتحاد الأوروبي يعتمد إجراءات صارمة لحماية البيانات الشخصية


الاتحاد الأوروبي يعتمد إجراءات صارمة لحماية البيانات الشخصية
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      يعتمد الاتحاد الأوروبي إجراءات صارمة لضبط وتأطير دائرة اشتغال "عمالقة الويب" وحثهم على الامتثال للقوانين الأوروبية المتعلقة بالخدمات الرقمية، فقد أعلنت اللجنة الأوروبية أول أمس الأربعاء حظر استخدام مجموعة "ميتا" للبيانات الشخصية لأغراض الاستهداف الإشهاري على منصتيها "فيسبوك" و"إنستغرام"، وطلبت من الهيئة الناظمة للبيانات في أيرلندا، حيث يوجد المقر الرئيسي الأوروبي لشركة "ميتا"، اتخاذ إجراءات "في غضون أسبوعين" لحظر "أي معالجة للبيانات الشخصية المخصصة للإشهارات السلوكية" على منصات المجموعة الأمريكية.

وبدورها، قامت مجموعة "ميتا" يوم الاثنين الماضي بالإعلان عن شروعها خلال الشهر الجاري في طرح اشتراكات مدفوعة للأوروبيين تتيح لهم استخدام منصتي "فيسبوك" و"إنستغرام" من دون إعلانات، لتتمكن من الامتثال للتشريعات الأوروبية المتعلقة بالبيانات الشخصية والإعلانات المستهدفة.

وللإشارة، فإن هذا الإجراء لم يكن هو الوحيد من نوعه فقد سبق أن تم اتخاذ إجراءات أخرى في حق عدد من منصات التواصل الاجتماعي الكبرى.

ويندرج هذا في إطار قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي "ديجيتال سيرفيسيز آكت" الذي دخل حيز التنفيذ في الـ 25 من غشت الماضي، والذي يسعى بصفة خاصة إلى حماية المواطنين الأوروبيين من "المعلومات الكاذبة" وحث هذه المنصات على التحلي بالمزيد من الشفافية فيما يتعلق بالإعلانات والخدمات الإشهارية.

وأضحى هذا القانون مع الشروع في تفعيله، يطال 19 منصة رقمية كبرى، لاسيما شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وشركات التسويق الإلكتروني، والتي تشمل على الأقل 45 مليون مستخدم شهري نشط في عموم التكتل الأوروبي.


وهذه الممارسة التي تقوم على جمع وتحليل بيانات المليارات من مستخدمي الإنترنت قصد تقديم إعلانات مخصصة لهم بعناية، توجد في صلب النماذج الاقتصادية لعمالقة الإنترنت ولكنها تعتبر متعارضة مع القوانين الأوروبية المتعلقة بالبيانات.

سيكون بوسع المستخدمين في بلدان الاتحاد الأوروبي وسويسرا وبقية المنطقة الاقتصادية الأوروبية (أيسلندا، النرويج وليشنشتاين) "الاختيار بين الاستمرار في استخدام المنصتين مجانا مع إعلانات مخصصة" أو "الاشتراك من أجل عدم رؤية الإعلانات بعد الآن"، حسب عملاق الويب الأميركي.

ويبلغ مقابل الاشتراك 9,99 يورو شهريا لحسابهم على "إنستغرام" أو "فيسبوك" على الكمبيوتر، و12,99 يورو لتطبيقي المنصتين على الهواتف الذكية. وسيصبح هكذا، بإمكان المستخدمين الذين لا يوافقون على أخذ المجموعة الأميركية لبياناتهم الشخصية لأغراض الاستهداف الإعلاني، الاحتفاظ بإمكانية الوصول إلى منصات "ميتا" مقابل رسوم.

ويرى العديد من المراقبين، أن "ميتا" و"غوغل" قامتا ببناء إمبراطوريتيهما - وإلى حد كبير البنية الاقتصادية للإنترنت - على هذا النموذج القائم على استهداف المليارات من المستخدمين بواسطة إعلانات موجهة على نحو دقيق من خلال البيانات الشخصية التي تجمعها الشركات عنهم.

والظاهر أن الاتحاد الأوروبي يكافح منذ سنوات ضد تتبع مستخدمي الإنترنت دون موافقتهم، أولا من خلال اللائحة العامة لحماية البيانات المعتمدة في العام 2016، ثم من خلال قانون الخدمات الرقمية، الذي دخل حيز التنفيذ هذا الصيف، والتي ينبغي أن تمتثل لها المنصات المعنية بحلول مارس.

وتلقت شركة "ميتا" في ماي الماضي، غرامة قياسية قدرها 1,2 مليار يورو من الهيئة الناظمة الأيرلندية، التي تعمل نيابة عن البلدان السبعة والعشرين، وذلك لانتهاكها اللائحة العامة لحماية البيانات من خلال نقل البيانات الشخصية للمستخدمين الأوروبيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

من جهة أخرى، نبه المفوض الأوروبي المشرف على السوق الرقمية "تييري بروتون"، شركة ميتا من ارتفاع منسوب "المعلومات المضللة" على منصتيها، وأمهل رئيس المجموعة "مارك زوكربيرغ" 24 ساعة لشرح الإجراءات التي يعتزم اتخاذها من أجل تدارك الأمر. قائلا: "لقد اطلعنا على تقارير تفيد بوجود عدد كبير من المحتويات الكاذبة والمضامين الموجهة التي تم تداولها على منصاتكم ولا يزال بعضها يظهر على الإنترنت". وكان قد وجه أيضا تحذيرا مماثلا إلى "إيلون ماسك" رئيس شركة "إكس".

وفي نفس المنحى كان تطبيق "تيك توك" هو الآخر قد أعلن في غشت الماضي عن إجراء عدة تغييرات امتثالا لقواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة والتي من بينها: السماح للمستخدمين الأوروبيين بإيقاف تشغيل خاصية عرض مقاطع الفيديو بناء على اهتماماتهم.

وبالتالي، سيضطر عمالقة الويب إلى تشديد الإجراءات التي تهم خصوصية البيانات وحماية الأطفال والمعلومات المضللة وخطاب الكراهية.

اترك تعليقاً